1.8.11

ما الفرق بين الاحلام والتنوير؟ 64

طبيعة الأحلام والتنور


ترجمة د خالد السيفي


مؤخرا، أنا أُخِذت بالتنوّر وبُهِرت بالتسامي، وقد طغت هذه الفكرة على أحلام اليقظة عندي، حتى أنها غدت عندي ألذّ من الشُّهرة والصّيت والحب ، فهلاّ علّقت على أحلام اليقظة؟

أحلام اليقظة تبقى مقبولة ما دامت محصورة في الشهرة والشهوة. وذلك أن كليهما (الشهوة والشهرة) ينتميان إلى عالم الأحلام فقط، فاحلمي ما استطعت وبقدر ما تريدين.

الحب والشُّهرة من طينة واحدة وأساسهما التمنّيات وهما في جوهرهما حلم، ويختفيان بتوقف الحلم.

لكنكِ لا تستطيعين الحلم بالتنور.

التنوير ممكن فقط عندما تختفي الأحلام.

التنوير هو غياب الأحلام.

التنوّر يعني يقظة الوعي.

وفي الوعي اليقظ لا توجد أحلام.

الأحلام كالظلام تتواجد عندما يغيب النور.

بتواجد النور لا توجد أحلام.

أحلامك موجودة بسبب منهجيّتك التافهة في الحياة. طريقة عيشك هذه جعلت حياتك مُقفرة، مهجورة وخالية. أحلامك تأتي لتملأ هذا الخواء، ولتعوّض هذا الخلاء. احلامك هي فقط لسدّ شاغر وتعبئة فراغ وهي كالسراب الذي يدغدغ التصحّر الذي أصاب ذاتك دون ان يرويه.

بسبب غياب متعة الحياة الحقيقية نحن نلجأ إلى الأحلام؛ من شهرة ومال وصيت وجنس وووو.

نحلم - لأننا لو لم نفعل لقتلنا اليأس والفراغ، ولأكلنا التّبطّل، نحن نخترع ما يشغلنا وإلاّ اصبحنا عطلين عن العمل. فبعوْن الاحلام نتمكن من الصمود امام عاتيات الدهر، ونقوى على استكمال بقية العمر.

الأحلام تجعل حياتك الباهتة محتملة ومستمرة، فهي تساعدنا لأنها تجمّل واقعك البشع. الأحلام تطمئننا أنّ ما هو مغلوط اليوم سيصبح مضبوطا غدا.

الأحلام هي مصدر الأمل والمثابرة، ومحرّك التكرار والتجديد في المحاولة، إنها منبع العزيمة الأقوى، وبوصلة تغيير الاتجاهات.

لولا الحلم بالسعادة والرحمة والمغفرة والجزاء والأمان لما آمن الناس، ولما كرروا أن الله غفور رحيم، ولما عزوْا الأقدار لمشيئة الغفار الجبار. فالمؤمن يتعزّى بالحلم وبأن مشيئة الله لن تعاكس تمنياته إلى الأبد، وان كانت اليوم غير مسايرة لأهوائه.

الله في جميع الأديان غفور رحيم رؤوف... وهذا كلّه لبثّ الأمل في الناس ونشر الطمأنينة. فلو لم يكن الحلم كذلك لفُقِد الأمل ولأصبحت الحياة صعبة وأقسى من أن تُطاق.

تبقى الأحلام غير مهمّة ما دامت تتعامل مع الشهوة والشهرة والمال، لان كل هذه المعاملات ذات طاقة خارجية ، ومن نوع الأنشطة الترفيهية. فكل ما في الخارج ينسجم مع الأحلام ويلتقي معها في الماهية. فالعالم نفسه هو مظهر من مظاهر الحلم، وربما لهذا السبب يدعو الهندوس العالم ب "مايا"، أي السراب او الهلوسة.

العالم الخارجي مكون من نفس مادة الأحلام، وفي هذا العالم نحن نحلم بأعين مفتوحة.

التنوير بعدٌ مختلف. انه كينونة غيريّة، إنه قصة مخالفة.

في التنوير لا أحلام. وان استمرت الأحلام يغدو التنوير عصيا ومستحيلا.