29.1.14

على خلفية التقارب بين السلطة الفلسطينية وإيران


نفهم تقلبات الأمزجة في التفاعلات السياسية والمصالح الدولية وخاصة عندما نقترب هنا في فلسطين من سنّ اليأس التفاوضي الداخلي مع حماس والخارجي مع الاحتلال.

 لكن الملاحَظ أنّ الدولة الفارسية الإيرانية الإسلامية النووية الغير عربية ما زالت تبرهن لذاتها على مدار 8000 سنة أنها دولة حضارية عريقة أصيلة قوية وثابتة وعميقة قارعت منذ فجر التاريخ المقدوني والروماني والفرعوني والعربي والامريكي .

1- فهي علّمت الفاتحين العرب نظام السياسة العالمية والمحلية من دواوين وإدارة سجلات ضرائب واستصلاح أراضي، وهي التي بمدنيتها الامبراطورية نعّمت خشونة الجيوش الصحراوية بقصورها وحدائقها ونوافيرها.

2- وهي التي أمدّت الحضارة الإسلامية بالفلاسفة والمفكرين والعلماء في مختلف المجالات من فقه ولغة وأدب وطب ورياضيات وبصريات وكيمياء وموسيقى وشعر وفن حتى نكاد نقول أن فلاسفة المسلمين جميعهم ما عدا الكِندي هم من فارس وما وراء فارس مثل ابن المقفع، ابن سينا، جابر بن حيان، ابن الهيثم وزرياب وغيرهم.

3- وفي الوقت الذي قضت اللغة العربية على جميع اللغات السائدة في مصر وشمال افريقيا وبلاد الشام والعراق نرى اللغة الفارسية هي الوحيدة التي حافظت على نفسها بعد الفتح الإسلامي، بل على العكس صبّت كثيرا من الموروث الحضاري والفكر الزردشتي في الثقافة الإسلامية الفتيّة (فتح باب العزاء 3 أيام بعد دفنه).

4- وأخيرا فارس هي التي حافظت وأنقذت أهل البيت (أحفاد علي بن أبي طالب) من المذابح الاستئصالية التي قامت بها الدولة الأموية، وفارس هي منطلق الدولة العباسية.

ولحركة التاريخ في الخَلق شؤون.

28.1.14

في الوعي والثقافة الجنسية

أنت لا تحمل دماغا واحدا بل دماغين، الأيمن والأيسر. وهما موصولان بجسر ، و الدماغان يقومان بوظيفتين مختلفتين وليس متعارضتين، ويتبادلان المعلومات عبر الجسر. الأيسر تحليلي ( رياضيات ومنطق) والأيمن حدسي (فني وجمالي وصوفي). وفي حال انقطاع الجسر يصبح الإنسان اثنين لعدم التواصل بين أفكار الجزئين.

اليوغا اكتشفت هذه الحقائق منذ زمن بعيد  عن طريق مراقبة النّفَس وطريقة التّنفُّس. وتوصلت إلى استنتاجات مدهشة أُثبتت لاحقا مخبريا وعلميا.  ولأن الكائنات الحية بطبيعتها تحقق المبدأ الأول من الوجود وهو الحياة، فإنها تصارع للبقاء وللحفاظ على النوع عن طريق التكاثر، ومن هنا فالجنس يعتبر مسألة شخصية وكونية،  ودنيوية ودينية من جهة أخرى، وهذا ما يفسّر اهتمام الأولين واللاحقين به.

من هنا شغلت إدارته (الجنس) ومراقبته وتأطيره حيزا عظيما من حياة الناس إلى حد تجريمه ولعنه فأصبح سلعة لها تجارها وأغنياءها وتخاض الحروب لأجلها، وقصص التاريخ وحاضِره شاهدة على ذلك.
الكلمة السرية في الجنس هي النشوة، التي يسعى إليها الجميع بوعيك أم بدونه وبإقرارك أو عدمه، بحيث تصبح بقية الأمور الأخرى ملحقات بنسب مفارقة وبمسميات قد تكون  صادقة أو مارقة، وهذه مسألة أخرى يتدخل فيها مقدار الوعي والمصداقية لديك في الصراع بين العقل والغريزة والعاطفة.

واليك بعض الحقائق الجنسية:
1-      أن لا علاقة للنشوة الجنسية بالعملية الجنسية  بين الذكر والأنثى. فهي عملية ذاتية مفصولة عن الشريك، وهي عملية احتكاكية ميكانيكية بحتة، أي استنمائية. والشركاء فيها هم فقط مساعدين وليسوا أساسيين، أي أدوات.
2-      أن النشوة ليس لها علاقة بأعضاء التناسل وهي عملية دماغية بحتة، تبدأ من الدماغ وتنتهي في الدماغ، ومخبريا يمكن الوصول إلى النشوة بالرغم من فصل الدماغ عن أعضاءه الجنسية. وهناك فأر، بعد أن قطعت الصلة بين أعضاءه ودماغه،  تعلم الضغط على زر التشغيل الكهربائي الموصول في دماغه بمراكز النشوة مات بعد يوم واحد، حيث انه ضغط أكثر من 600 مرة طالبا النشوة ومستلذا وعازفا عن النوم والشرب والأكل.
3-      أن الأفلام والمجلات الجنسية والدعاية التجارية تستهدف مراكز النشوة في دماغك من خلال الجمال في المرأة وكمال الأجسام عند الرجال .
4-      وفيما يوافق العلم اليوغا ويؤيدها في النقاط السابقة، فإنه (العلم) صامت بخصوص النقاط التالية:
(a)    أن الدماغ الأيسر ذكوري وفيه تحدث نشوة الذكر، وبالمقابل الأيمن أنثوي وبه تحدث نشوة الأنثى.
(b)   أن قمة النشوة تنتج من الاتحاد الكامل بين قسمي الدماغ والتلاحم الوظيفي.
(c)    أن نشوة الأنثى تكون أكثر اكتمالا من الذكر لانشغال الدماغ الأيسر عنده بالمنطق والتحليل (المال والسلطة والمؤامرة)  بينما الأنثى يسمح دماغها الأيمن باستقبال الأيسر والذوبان فيه.
(d)   انشغال الدماغ عند الإنسان بهموم الحياة يجعل عملية النشوة قصيرة وعابرة، مما يبقيه في الوقت نفسه غير مشبعا تواقا ومدمنا، وهذا ما يفسر عدم الالتزام بفصول جنسية محددة من السنة عندنا كما في الحيوانات.
(e)   أما النقطة الأخيرة وهي يوغا وتنترية وصوفية بامتياز: فبقدر ما ارتقى الشخص بتحقيق بذرة الإنسانية الكامنة فيه، وذلك بترفعه عن التفاهات الدنيوية، بقدر ما  تمكن من توحيد جزأي دماغه أسرع وأطول، حينها ستكون نشوته كاملة دائمة مشبعة، لتتلاشى حالة الإدمان والطلب إلى الجنس الغريزي الحيواني، ويقل انشغالك به، فتتحرر المرأة من عورتها والرجل من زناه، ويفقد رجل الدين في الأديان سلطته الجنسية لتصبح روحانية.