27.7.10

عقلك خدعك.39

المقالة التاسعة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي
تكملة التعليق على السؤال الثاني:
أنا أحب أن أكون حقيقيا، لكن ما الحقيقة وكيف تكون؟ اشعر أنني في دائرة شيطانية، إنني في سجن وأريد أن اخرج منه، ولكن كيف؟

كُن دائما مراقبا لخيانة عقلك، وصاحيا لئلا يغشّك.
أنت الذي رعيت وأنشأت هذا العقل، لقد دربته طويلا، لا ليخدعك بل ليخدع الآخرين.
نحن نحاول دائما خداع الآخرين، ونحاول الإيقاع بكل شخص نعرفه....
مع الوقت...يصبح عقلك خبيرا بالألاعيب ومتخصصا بالتزييف والتضليل.....هنا يبدأ عقلك بخداعك أنت.

لقد سمعت هذه القصة:
مات احد الصحفيين. ولان الصحفي مهم جدا في عالم اليوم، ومُرَحَبا به من الساسة والرؤساء والوزراء... وحتى بدون مواعيد. ظن هذا الرجل انه عظيم، لذا اندفع إلى الجنة مسرعا.
ولمَ لا!، لماذا يذهب إلى الجحيم...انه صحفي.

إلّا أن الحارس أوقفه عند الباب قائلا " انتظر، لا يمكنك الدخول، فلدينا ما يكفينا من الصحافيين، لدينا كوتة. عددهم يجب ان لا يتجاوز ألاثني عشر، لدينا دزينة كاملة منهم.

في الحقيقة هم لا يلزموننا، لانه لا يوجد أخبار او صحف او مجلات في الجنة".

في الجنة لا يحدث أي شيء جديد. الحياة هناك مملة. كل شيء يسير بدون معيقات.
كيف يمكن أن يكون في الجنة أخبار؟ وما هو الممكن برأيك أن يكون جديدا في حياة القديسين؟ ليس في حياتهم إي إثارة، إنهم جالسون تحت نفس الشجرة يمارسون التأمل في صمت.

قال الحارس للصحفي "في الحقيقة هناك صحيفة تصدر كل يوم، لكن ليس فيها أي شيء جديد. كل إصدار هو نفسه، ويُكتب على رأس الصفحة "مكرّر".

واستمر الحارس "إننا لا نحتاج في الجنة هنا لصحفيين، وستذهب إلى الجحيم، هناك الأخبار كثيرة، وسريعة، متقلبة ومتنوعة.
هناك يحتاجون إلى مجلات ومجلات، إصدارات وإصدارات. أنواع وألوان من الصحف الصفراء والخضراء والسوداء والبيضاء تصدر لتغطي ما يدور من أحداث.

لقد سمعت أن جريدة جديدة ستصدر هناك، وهم بحاجة إلى صحفي متمرس مثلك. اذهب إلى هناك، ستعمل وتستمتع بالفضائح والسرقات والمؤامرات والانقلابات والتصريحات والخطابات والمقابلات والتقارير....الخ..الخ".

لكن الصحفي كان مهيئا لدخول الجنة فقط، ومصمما على ذلك.
فقال للحارس متمسكنا وراجيا" أريد منك أن تسدي لي معروفا؛ أن تسمح لي بالدخول فقط لمدة أربع وعشرين ساعة فقط. لديّ معارف كُثر بينهم، وتربطني صلات وثيقة بهم، ولا بد ان اقنع احدهم بالانتقال الى الجحيم. أنا خبير بهم، لكن هل ستعطينني مكانه إن نجحت؟".

نظر الحارس بشفقة الى الصحفي قائلا " حسنا لك هذا"

هكذا، أمسى زميلنا الصحفي في الجنة، وحالا بدأ ببث الإشاعات؛ أن في الجحيم صحفا جديدة ستصدر، وأنهم بحاجة إلى رؤساء تحرير ونائبيهم، ومصورين وفرَقِهم، ورؤساء أخبار ومساعديهم، وكبار مراسلين وووو. الفرص متوفرة، والإمكانيات متاحة، والرواتب عالية....، لكن يجب الانتقال للعيش في الجحيم.

تجوّل صاحبنا في إنحاء الجنة وقابل جميع الصحفيين..............

عندما رجع إلى الحارس ليرى إن كان هناك من صدّقه وغادر إلى الجحيم، وجد الحارس قد أغلق باب الجنة مانعا صاحبنا من الخروج قائلا "لقد خرج جميع الصحفيين الأثني عشر، ولن اسمح لك بالخروج لأنك الصحفي الوحيد المتبقي".

هنا ظهرت علائم القلق والهم والتوتر على الصحفي واخذ يتوسل الحارس ليخرجه من الجنة قائلا " لا.. لا....، يجب أن الحق بهم فربما هناك شيء من الحقيقة في الإشاعات التي أطلقتها".

نعم لقد أطلق الإشاعات ليخدع الآخرين، فصدقها هو نفسه. هكذا أصبح العقل مخادعا...

لقد خدعت الآخرين طوال الوقت... وتماديت في هذا..أصبح عقلك متمرسا وخبيرا وخبيثا إلى آخر حد...حتى انه بدأ يخدعك أنت أيضا.
Osho- Talks on The Royal Songs of Saraha

19.7.10

أن أكون حقيقيا.38

المقالة الثامنة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي

تكملة التعليق على السؤال الثاني:
أنا أحب أن أكون حقيقيا، لكن ما الحقيقة وكيف تكون؟ اشعر أنني في دائرة شيطانية، إنني في سجن وأريد أن اخرج منه، ولكن كيف؟

أنت لست في سجن. أنت في بيت الله. أنت في هذا الجسد. وهذا الجسد هو بيت الله ومعبده.......ورجاء لا تدْعُه سجنا، لأنه ليس كذلك. لقد فهمتني خطأ وجانبك الصواب.

أنت كما أنت ممتاز وكامل، لا يوجد هناك أي أهداف لتصلها. ولن تغادر هذا المكان إلى أي مكان آخَر. لذا فنحن فقط مدعوون للاحتفال بهذا الوجود الجميل، فلا تقلبه رجاءً معاناة ونكد.

الوجود ليس مسرحا للشقاء بل هو عيد. لا تجعله واجبا وأعمالا..ولا تحمّله صراعات والتزامات. دع الوجود يكون متعة.

ما كنت ارمي إليه عندما دعوتك للتديّن هو: أن تتخلى عن أناك، وأن تتخلص من شعور الذنب. وما كنت أعنيه أيضا هو أن لا تتورط بأي رحلة إلى أي هدف...كنت اقصد فقط أن تكون.

التواجد في الآن وهنا يعني يعني؛ أن تتذوق الجمال والموسيقى، وان تستشعر وتتوحد مع الشجر والطير والجبل والنهر والنجوم.


عندما تسمع كلامي لا تفسره وتأوّله كما يرضيك، ما يرضيك هو مخالف لما اقصد.

وسأستعرض لك مشهدين لعل وعسى تصلك الفكرة:
المشهد الأول:

يتكلم احد المزارعين عن خبرته للمستمعين في النادي الزراعي عن أهمية استخدام روث الحصان الطاعن في السن، كسماد في الجنائن والبساتين الربيعية، ويسهب في شرح الفوائد وطريقة الاستعمال. وعند فتح باب الأسئلة ترفع سيدة مدنيّة يدها، وتسأل: "قلت أن روث الحصان البالغ هو أحسن ما يكون لتسميد الحدائق فهلا تفضلت وأخبرتني كم يجب ان يكون عمر الحصان بالضبط".

المشهد الثاني: تأخذ إحدى الأمهات الجبليات "Hillbilly" ابنها إلى مدرسة المنطقة لتسجيله، وعندما سألوها عن والد الطفل، أجابت أنها لا تعرف عنه الكثير قائلة" إننا بعد زواجنا اكتشفت انه شاذ جنسيا، فرحل"!. فصلّحها احدهم "تقصدين انه كان لوطيا" فقالت له " لا، لقد كان اضعف مما كنت أطالبه به".

كل شخص يفسر ما يسمعه بطريقته الخاصة. وعندما أقول شيئا ما، لا ادري ماذا ستفهم منه، ولا اعرف كيف ستأوله. كلٌ لديه قاموسه الخاص والمدفون في أعماق لاوعيه. هذا القاموس هو الذي يُصفّي ويلوّن ويغيّر ما تسمعه.

طوال الوقت كنت أقول لك "أن تتحرر".....
ففهمتني خطأ. لقد فهمت انك محبوس في سجن.
نعم، أقول "تحرر" حالا، فتفهم انك مسجون.
لقد اختلفنا على ماذا نركّز.
تركيزي أنا عليك انت "كن أنت، حرا".
لكنك ركزت على السجن وتقول "كيف أكون حرا قبل أن اخرج من السجن".
أنا أقول"كن حرا وبعدها لن يكون هناك سجن".
انت لا تفهم ان السجن هو نتيجة لعادة انك كنت دائما عبدا.
انتبه، لقد تغيّر التركيز ... وكنت تعتقد ان الفكرتين متطابقين.

هناك فرق كبير بين قولي "كن حرا" وبين قولك "انا في سجن"، الفرق شاسع، كل المقصد تغيّر.
في حالة " نعم انا في سجن " سيكون التركيز على الجدران والقضبان والسجان، وسوف تُحمّل المسؤولية للسجن. واذا لم يفك السجان قيدك فلن تستطيع ان تكون حرا، لقد تنصلت من المسؤولية.

أما في حالة "كن حرا"، فانني اقصد انك انت المسؤول.
هي مسألة، شأنك فيها أن تكون أولا حرا. حينها لن يكون سجنا وحراسا وجلادا. والعكس صحيح،
وأرجوك أن تتخلى عن عادة كونك عبدا مزمناً.

ولكي تُسقِط هذه العادة؟ يجب ان تفهم ان الوعي والحرية متلازمتان، وعي اكبر يعني حرية اوسع، ووعي اقل يعني فضاء أضيق.


الحيوانات فاقدة لحريتها لان وعيها محدود، والصخرة لا وعي لها على الاطلاق. الإنسان هو أرقى الحيوانات على الأرض. الا ان الانسان العادي محدود الحرية – هذا إن وُجدت - بسبب جهله. لكن الشخص المتنور لا حدود لحريته....بسبب وعيه، إنها حرية مطلقة.

مسألة الحرية مربوطة بدرجة الوعي التي تقف عندها، وسجنك هو طبقات مكثفة من لا وعيك. ابدأ بالتنوّر ولن يعود هناك سجن.

تذكّر أن العقل مخادع، ودائما يستطيع تضليلك. لقد تعلم أساليب خداعية لا حصر لها. وهو عندما يبدّل كلمة بأخرى لن تلاحظ الفرق لأنها قد تكون شديدة الشبه. انه يتلاعب بك.

أنصحك، عندما أقول شيئا، لا تفسره كما تريد. فقط أنصت لما أقوله بانتباه، ولا تحاول تأويل حديثي. لا تغيّر أية كلمة منه، ولا حتى نقطة من مكانها. لا تُدخل عقلك في جملتي التي تسمعها، وإلا ستفهم شيئا أخرا.

OSHO – Talks on The Royal Songs of Saraha

12.7.10

النكتة تستحضر طفولتك.37

المقالة السابعة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي
ستختفي النكتة عندما يصبح الضحك عادة. أصلا لن يكون هناك حاجة للنكات والطرائف. لان الناس ستكون سعيدة. كل لحظة هي لحظة ضحك وحبور، ستضحك في كل لحظة لتصبح الحياة كلها نكتة.

الآن..... وفي هذا المجتمع الضحك ممنوع، وليس مسموح لك أن تدرك هذه الحقيقة. إنهم عصّبوا عينيك ووضعوا عليهما غمامات لكي لا ترى حماقاتهم. لا يردونك أن تكشف عيوبهم وتفاهاتهم......يا للسخافة.

الأطفال أحرار أكثر منك، لذا فهم دائما يضحكون، بحبور وبصوت أعلى، وبكل مناسبة، والسبب أن الغمامات لم تُثبّت على أعينهم بعد. إنهم يرون كل عيوبك بوضوح، كل تناقضاتك وحماقاتك مكشوفة لهم.

تطلب منهم أن يكونوا جديين وصادقين، ولكن سرعان ما تناقض نفسك بنفسك، فيضحكون عليك.
أنت في البيت، ويطرق احدهم الباب يطلب شيئا أو يسأل عنك، فتأمر ابنك أن يقول للطارق انك غير موجود. فيفتح ابنك الباب ليقول للسائل "يقول لك أبي انه غير موجود".

هو يضحك عليك لأنك تافه، وهذا محرج لك، بينما هم يستمتعون بهذه المهزلة. إنهم يستغلونها للضحك عليك وعلى الطارق. نحن الكبار نعيش تحت الغمامات، لقد قبلنا بذلك؟

لقد تربّينا على أن لا نرى حماقات الآخرين، وان لا نضحك على سخافات الحياة، وإلا ما المبرر أن لا يضحك المرافقين حين يرون رئيس بلادهم يتعثّر على السلّم ويسقط أرضا. جميعهم يضحكون بداخلهم ولكنهم لا يجرؤون على الجهر به.

انظر للأمر من زاوية أخرى، عندما يتعثر فقير لا تضحك، بينما يضحك العالم كله على رئيس الوزراء لو تزحلق بقشرة موز. السبب أن قشرة الموز ذكّرت الناس وخاصة الرئيس بأنه إنسان عادي، لا يزيد قيد أنملة عن أي فقير. قشرة الموز صلّحت المعادلة، وردّت القيمة الحقيقية للرئيس.

لقد كشفته قشرة الموز، وهذا ما يدعو للضحك، وهو الذي كان يظن أنه المنزّه الأكبر. قشرة الموز عدّلت الميزان...وأرجعت الأمور لنصابها... يا للتفاهة.

قشرة الموز لا تفرّق...أكنت وزيراً أم فقيراً. بالنسبة لها الأمر سيان.
إذا سقط إنسان عادي، فقد تضحك ولكن ليس كثيرا، لأنه إنسان عادي، وهو لم يحاول أن يثبت انه أكبر حجما مما هو على حقيقته. لكن إذا تزحلق الرئيس، فالضحك عليه سيكون كثيرا، لأنه فكّر انه مميَّز، وانه فوق العادة يناطح السحاب.
بالضحك عليه، تقول له الناس" من تحاول أن تخدع؟، أنت قبل كل شيء كأي واحد فينا، حتى قشرة الموز تعرف حقيقتك".

راقب وافهم، إذا ضحكتَ، فهذا يعني أن حقيقة سخافات الحياة دخلت إليك من تحت العصبة التي تغشي عينيك، لترجعك طفلا جميلا.

النكتة تستحضر طفولتك.....براءتك.
النكتة.... للحظة تسقط عن عينيك الغمامات.

واليك بعض النكات
في بلدة صغيرة جدا، توفي احدهم في ظروف غامضة، فتشكلت هيئة للتحقيق. واستدعيت المرأة التي توفي الرجل على فراشها. توجه إليها رئيس الهيئة مطَمئنا؛ أن الكل هنا يعرف الكل، فالبلدة صغيرة، وعليها أن تدلي بشهادتها بلغة عادية وبدون تكلّف. فقالت " تقابلنا في البار، وبعد تناول بعض المشروب، قررنا أن نحتسي الكأس الأخير عندي، وتطورت الأمور إلى أن أصبحنا في السرير نمارس الحب، وفجأة نظر أليّ نظرة مميّزة... ظننت انه يأتي.....وإذا به يذهب.

والثانية تستحق بعض التأمل:
في احد الأيام، رأى المسيح بعض الرعاة وقد أسندوا امرأة على الحائط يريدون رجمها. هدّأ المسيح الجمعَ بصوته السمح قائلا " من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها أولا"
اندفعت امرأة عجوز من الحشد وقذفت المرأة بحجر كبير، فقال المسيح وأسنانه تصطك " يا أمي، أنت تغضبينني"


السؤال الخامس
اوشو، من الواضح انك تحب اللون البرتقالي، لكن لماذا لا تلبسه أنت؟
اوشو: أنا!... أنا أحب اللون البرتقالي....معاذ الله....إنني أكرهه...واكرهه إلى أبعد حد، وسبب إجباري لكم على لباسه هو عقابا لكم لعدم تنوركم.
OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha

6.7.10

لماذا تضحك...36

المقالة السادسة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي
السؤال الرابع

أنا اضحك كثيرا لنكاتك، وأود أن اسأل: لماذا الطرفة تولّد كثيرا من الضحك؟

اوشو:
أولا، تضحك الآن كثيرا لأنه لم يُسمح لك بالضحك أبداً.. لقد منعوك منه وكبتوه فيك، فأصبح في داخلك كالبركان الباحث عن مَنفَذ، وأي فرصة تسنح لك لتنفِّسَّ ما فيك من كبت، تتلقفها وتستنفذها لآخر رمق فيها.

لقد اجتثوا منك الضحك، علّموك أن تكون جديا وحزينا ورصينا.

جرت العادة؛ انه إذا بدوْت جديا فهذا دليل على أن الأمور على ما يرام، وليس هناك من خطأ. بينما يكون هزلك وتبسّمك بالضرورة تعبيرا عن خطأ ما، وهذا محرج لك وللآخرين.

جرِّب أن تضحك، وسيسألك أكثر من شخص "لماذا تضحك، أهناك مشكلة؟!"، وإذا لم يكن هناك سبب، سيعتقد الآخرون انك مجنون، وقد يودِعونك مستشفى المجانين، فمَن يضحك من غير سبب، فهو مجنون او قليل الادب. هكذا جرت العادة لغاية الآن.

في عالم متحضر حضارة حقيقية - ليست كهذه - سيكون الضحك عادة طبيعية، والعابسون سيكونون غير طبيعيين، وربما يُزج بهم في مشافي المجانين.

الحزن مرض والضحك صحة.

ولأنك مُنعتَ من الضحك، فأي نكتة تجعلك تنفجر ضاحكا وأنت متأكد أن لا احدَ سيتهمك بالجنون، لأنك ستسوق المبررات وتقول " ضحكت بسبب النكتة". هناك سبب للضحك. أنت وهُم بحاجة لسبب كي تُنَفِّس مكبوتك.

للنكتة آلية تجعلك تنفث ما بداخلك وتفرد ذاتك وتبسطها خارجا.

الطرفة في طريقة عملها معقدة، وان بدت في ظاهرها بسيطة. إنها ظاهرة صعبة الشرح. إنها عجيبة، فهي بكلمات قليلة او بسطرين تغيِّر المناخ الخارجي والبيئة الداخلية كليا، فما الذي يحصل؟

عندما يبدأ احدهم بسرد نكتة، فانك تتوقع أن يكون هناك ما يُضحك، وتصبح مستعدا لذلك. وهذا نوع من التنويم المغناطيسي الذاتي. هنا تعطي لنفسك الإذن بالضحك، بل وتشجعها على استغلال الفرصة.

ربما كنت نعسا أو تعبا، لكن عندما يهمّ احدهم بقول نكتة تنتصب قامتك، وتشرأب رقبتك، وتُشرع أذناك ، وتتوقد يقظتك وتصبح مراقبا.
ومع السرد تزداد فيك الإثارة، تريد أن تعرف النهاية.

يستمر السرد وكأنه لا يوجد هناك ما يستدعي الضحك، فيزيد الفضول وانتظار المُضحك.

لغاية الآن لا توجد نكتة،... وتنتظر بفارغ الصبر. أنت تفكر...."لكنها هناك".....

وأحداث عادية تجري بكلام عادي....أنت تنتظر....وتنتظر....ويزداد التوتر....وتصل مرحلة عالية جدا من التحضير النفسي.

وفجأة... يحدث انقلاب بالأحداث، يرافقه تغيير في نبرة الحديث، هنا يفاجئك الانعطاف... وتباغتك النكتة في إحدى زوايا المنعطف...إنها هنا...يا المفاجأة...تنسى من أنت.....تفقد جدّيتك...وتنفجر ضاحكا، فترجع طفلا... لطيفا دون قيود اوعُقَد.

وهذا ما تريده، وهذا سر انجذابك للنكات وإقبالك على النوادر؛ أن ترجع طفلا بريئا، أن تنسى أناك، أن تتخلص من كبتك... أن تنفث براكينك الداخلية.

نسيَ هذا المجتمع المرح، فَقَدَ الضحك. والدليل على ذلك انه يخترع النكات ليجد سببا للضحك. نريد سببا ومبررا لكي نفرح ونضحك.

في مجتمع متحضر ستضحك كثيرا دون سبب، لدرجة انك ستفتقد النكتة.

OSHO- The Royal Songs of Saraha