13.3.14

بعض مفاهيم التعاسة، لماذا أنت تعيس؟!

لا أعجب أن كل مَن حولي مضغوط، عبوس، متوتر ومستنفر. أنا أفهم أن الاحتلال والسلطان وضعوا الحواجز والمتاريس أمام كل سعادة، وردموا كل ينابيع الفرح في هذه الحياة. ولكن بعض التأمّل للوجوه المكفهرّة من حولي أكّدت لي بعض النظريات التي اقتبستها من القراءة وامتحنتها بالملاحظة والتجربة.

أولا: أنت تحمل هموم الآخرين لأنك تعيش قي وسط لا تسمع فيه إلّا أفعال القتل والخطف والهدم والسرقة والفساد والاغتصاب ، أضف أن الغالبية ممن حولك غاضبين كارهين مؤذيين وحاسدين ومتآمرين ونمّامين ويستمتعون بأذى الآخرين.

ثانيا: أنت محاط بأناس مهنتهم زرع الشعور بالذنب فيك من رجال دين، وسياسيين ووطنيين مزيفين حِرفتهم مخالفة القول بالفعل.

ثالثا: وهذا المستوى العميق من التحليل:
             أنك تُصرّ أن تحمل أعباء الآخرين على ظهرك لاعتقادك الخاطئ أنك بقدر ما تعانيه من هذه الأحمال بقدر ما 
             تكسب التقدير والاحترام من الآخرين .
            أضف إلى ذلك أنك تخجل عندما تكون فرحا بينما الآخرون حزينين، حتى أن البعض يخاف أن يحقق نجاحا لكي
            لا يعزم حسدا،
            وآخرون يندمون إن ضحكوا، خوفا من أن يتسببوا لأنفسهم بكَدر مخبئ أو بمصيبة مستترة.
            وهناك مَن يظن أن التعاطف مع أحزان الآخرين يشعرهم بأنهم الأقوى.

رابعا: أما المستوى الأعمق من التحليل فهو علمي: من خصائص الدماغ أنه منتج للأفكار والصور، وأنه مخزن للذاكرة إضافة لكونه مرسل ومستقبل لها سواء كانت حلوة أو مُرّة، ومعروف الآن أن أمواج الدماغ يمكن تخطيطها كالقلب والعضلات، ولهذه الأمواج صفة الكهرومغناطيسية التي تنتشر عبر الفضاء كأمواج الراديو والتلفزيون.

الآن أنت كدماغ فيك المستقبلات لتختار أي نوع من الأمواج السابحة لتلتقطها. ومن هنا يَبان لنا أنّ معظمنا يختار الأفكار والصور والذكريات الكريهة والحزينة ليتفاعل معها لأسباب تَقدّم ذكرها.
بقي أن نُذكّرك أنّه على هذه الحقيقة العلمية ظهرت مقولات مثل "التعاسة مُعدية" "كن ايجابيا"، "رافق الناجحين"، ومن هنا ينتج مفهوم التّخاطر عن بُعد أو الإيحاء أو الصُدَف المتكررة في ذِكر شيء ثم ظهوره أمامك فجأة.