1.7.14

داعش

على خلفية الدمار في العراق والشام، وبمناسبة تعيين خليفة للمسلمين، تذكرت يوم اختلاف الخليفتين، وقتها في الحجاز عبد الله بن الزبير، وفي الشام الخليفة عبد الملك بن مروان، وكيف قصف الحجاج بن يوسف الثقفي مكة بالمنجنيق وصلب عبدالله بن الزبير ابن اسماء بنت ابي بكر ذات النطاقين واخت عائشة زوجة النبي.

هذه الأسماء الشريفة لم تنقذ شرف النساء المغتصبات في مكة، فقد اباحها الحجاج 10 أيام للجند حتى لم تبق امراة او صبية الا اغتصبت.

هذا الزمان يشابه ذاك الزمان فلا اهلا ولا سهلا لا بالخليفة ولا من يؤيد الخليفة واتقوا الله في خلق الله.

28.6.14

الأعمال بالنيات

ميكافيلي كتب أشياء كثيرة منها المفيد ومنها المشكوك بصحته، إلا أن الناس حفظت عنه وتكرر دائما مقولة "الغاية تبرر الوسيلة"، لا بل اتخذه البعض مثالا حياتيا يحتذى به في الحصول على شهواته وأمانيه وخاصة السياسيين.

هناك مقولة مضادة لفيلسوف وعالم اجتماع جاء بعد ميكافيلي ب 200 سنة، لكن لسوء الحظ لا احد يذكره أو يعمل بحكمته، اسمه عمانويل كانت أما ملخص قوله فهو "الوسيلة بالضرورة جزء من النتيجة".... بمعنى انه يجب استعمال وسيلة طيبة وخيرة ونقية وأخلاقية لتحقيق نتائج مرجوة ومرغوبة.

فلا يجوز استخدام وسيلة كريهة أو مشينة لبلوغ غاية نبيلة... وقبل هذا وذاك قال رسولنا الكريم جئت لأتمم مكارم الأخلاق، والأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى والدين معاملة، فهل من مجيب.

21.6.14

الإدارة الحديثة

علمت
في الادارة: مشاكل القاعدة من القادة
اما في الاجتماع: فمشاكل العمال من صاحب رأس المال
لكن في السياسة وجدت حكمة عربية تقول : لو تكاشفتم لما تدافنتم


هذه المقولات الثلاث متشابهة وتدل على المتورط ومنبع المشكلة.

في الإدارة: عبارة مشاكل القاعدة من القادة تعني انك إذا وجدت الموظفين محبطين وإنتاجيتهم غير مقنعة وتقاريرهم عن بعضهم سلبية ونزاعاتهم كثيرة، او لا حظت لا مبالاة عامة.

عندها يكون اصل المشكلة ليست في موظف واحد او مجموعة منهم بل المشكلة تكمن عند الاداريين في راس الهرم وأهم من ذلك ان مصدر كل المشاكل هو رئيسهم او مديرهم العام او هناك صراع حامي الوطيس بين المدراء وهو غالبا ما لا يكون شريفا.

في الاجتماع: مشاكل العمال من صاحب رأس المال تعني أن صاحب العمل بجشعه وحرصه على الربح الاعظم لا يبالي بمصلحة عماله ابتداء من سلامتهم العامة في العمل الى مرضهم ومعنوياتهم وفقرهم وعوزهم. صاحب العمل لا يعامل عماله كبشر بل ينظر اليهم كآلات لانتاج مزيدا من المال ينفقه على سياراته وسهراته وملذاته.

أما في السياسة فالحكمة العربية تقول : لو تكاشفتم لما تدافنتم، والمغزى أنه لو توفرت اجواء المصارحة والنقد والنقاش والتشاور وأنه لو سادت لغة العقلاء لما تراشقتم الاتهامات ولما اقتتلتم حتى تفرقتم. أي لو كان هناك قدر بسيط من الديموقراطية وتبادل السلطة وتسابقتم على خدمة الشعب لتأييدكم لما استقويتم بالأجنبي.

وهنا تأتي الإدارة والاجتماع والسياسة كلها مع بعض فلو تنازلتم عن بعض امتيازاتكم وغطرستكم لاستطعنا دفع بلاء الاحتلال وأنهيناه


فالأسير والفقير كالأقصى والغور أو أي حظيرة أغنام يهدمها الاحتلال. وتطاوُل الاحتلال علينا بالقتل والتشريد وسرقة أملاكنا يُدين فقط قيادتنا.

19.6.14

إعقل وتوكل


قدرك معروف، فقد أعطيناك كل شيء، إعمل بجهد، لا لتذر ذاتك، بل لتهيء المناخ، لكي تحصل الصدفة، آنذاك كن هناك.

وفي العلوم الصحيحة هذا ما يساوي بأن تعقل وتتوكل :
فالله اعطاك كل شيء، وكل شيء لا تعني الفلوس، بل ماهو اكبر من الفلوس، الحياة والشمس والهواء وكل هذا أخذته بدون مقابل،

وأعطاك النجاح والسعادة وحب العمل والخير، وإذا كنت تتمنى شهادة او سيارة او عمارة سيلبي لك هذا، لكن عليك ان تفهم أنه:
يجب أن تبذل جهدا، لأنه نوع من استحضار الحدث، والاستمتاع بالفعل بحد ذاته.

وأن  الجهد المبذول لا علاقة له بتحقيق النتيجة لأن النتيجة تعتمد على أكثر من عامل، وأنت لا تعي كل هذه العوامل ولا تحيط بها.
 بعد الجهد عليك فقط أن تنتظر، لا تحترق من استعجال النتيجة فتذر نفسك وتهلكها.

المطلوب هنا فقط عندما تأتي النتيجة أن تكون هنا، بمعنى حاضرا لا تتمنى شيئا آخر ولا مشغولا، لان كثيرين من الناس يبدأ بشيء ثم ينسى انه زرع وحين الحصاد لا يكون حاضرا ليحصد، تأتي الفرص كالسحاب فتمر من فوقك وانت متلهي عنها. ركّز يا صاحبي ولا تتقفز بالافكار ولا بالاعمال ولا بالتمنيات.

12.6.14

أسقط كل شيء

سأعطيكم أهم حكمتين في الحياة وكل واحدة تساوي نصف عمرك.

الحكمة الأولى تقول:
أسقط كل شيء، يختفي الخوف، وبالتالي يتحسن التفكير، فيحصل الإبداع وبذلك تحصل على كل شيء.

اسقط كل شيء: بمعنى أن تتذكر انك أتيت للحياة لا تملك شيءً وستغادر أيضا بلا شيء، لذا لا تتشبث بأي شيء، لا بسيارة ولا بعمارة.
فإذا تخلّيت، سيختفي الخوف.
يجب أن تفهم أن حضارتنا جعلت الخوف المحرك الأساس لحياتنا، فأنت تعمل بفعل الخوف من الفواتير والأقساط، وتدرس لأنك خائف من الامتحان، كل يوم تحسب ألف حساب للموت وهلمجرا.

لكن عندما تقنع نفسك أن الخوف هذا هو سبب توترك يختفي. وعندما يختفي الخوف يتحسن تفكيرك. فالخوف يشوش التفكير ويربك الذاكرة وتجاربك هنا كثيرة.
التفكير الصافي مهارة من مهارات الدماغ، وكل إبداع بحاجة إلى دماغ غير خائف ورايق وهادئ.

وأخيرا إذا أبدعت يا صاحبي ستحصل على كل شيء.

أما الحكمة الثانية ففي المرة القادمة

23.4.14

الانتحار

 
بنت 13 تنتحر لأنها حُمّلت مسؤولية أخيها المعاق
وشاب ينتحر لسقوطه في المدرسة
 وبنت أخرى هناك لا ندري لم شنقت نفسها
وهذا خريج جامعي لا يجد وظيفة فينتحر
لا اعلم إن كانت هذه الظاهرة دخيلة أم موجودة أصلا لكنها من المؤكد أنها زادت احصائيا وإعلاميا في الآونة الأخيرة.

الانتحار بثلاث كلمات "فقدان معنى الحياة"
وأسبابه باعتقادي:
ضغط المتطلبات والشعور بالضياع لعدم السيطرة ، مما يؤدي إلى فقدان الأمل والاكتئاب والعزلة والاغتراب.
وهو يحصل عندما لا يوفَّق الشخص بحل الصراع بين متطلبات البيئة الداخلية من عواطف وغرائز ومفاهيم من جهة وبين متطلبات الخارج من تعقيدات ومظاهر وروتين وظلم وسلطة وقهر.
من وجهة نظري ولا أريد تعقيدها أو تبسيطها هو العجز عن فهم لماذا نعيش؟
وعدم فهم معنى الحياة؟
وعندما نفقد المعنى نفقد كل شيء!

فالجيوش تُهزم ليس بسبب تدمير الآليات ولا بسبب عدد القتلى.. هي تُهزم بسبب انهيار معنوياتها........أي لا يعود القتال مقنعا وفي حالة الانتحار لم يعد للحياة معنى.

للإنسان حاجات حسب اريك فروم عالم النفس الشهير:
1-الحاجة إلى الانتماء
2-الحاجة إلى التسامي
3-الحاجة إلى الارتباط بالجذور
4-الحاجة إلى الهوية
5-الحاجة إلى إطار للتوجيه

 الملام هو المجتمع ككل ولا نبرأ أحدا والمقصود هنا العائلة والحي والمدرسة والتربية والتعليم والتنفيذي والتشريعي والقضائي كلهم مسؤولون، النظام الاجتماعي بأكمله مسؤول. كلنا مسؤولون.

ونظامنا الاجتماعي الحالي تسلّعي واستهلاكي وسطحي وفاقد لهويته ومتمشكِل مع قيمه وانتماءه، د لطفي فطيم "وعندما يُفرض على الإنسان مطالب تنافي طبيعته فإنه يحبطه ويقيده ويجعله غريبا عن موقفه الإنساني، فالتكوين ألطّباعي القديم لا يكون مناسبا للنظام الاجتماعي الجديد مما يؤدي إلى دفع الإنسان إلى الجنون والى الأفعال المعادية للمجتمع أو المدمرة للذات كالقتل أو الانتحار"

الحياة ليست سهلة بطبيعة تناقضاتها ونحن نزيدها صعوبة بجهلنا يجب:
أنْ نرفع الوعي بصفة عامة
ونمكّن الناس من أسرار الحياة
وندربها على مهارات وفن العيش
ونعلمها الفرح والضحك والفرح والاندماج  بدون ان ننتظر مناسبة
وانْ لا نكون جديين زيادة عن اللزوم
وانْ لا نضع أهدافا وآمالا صعبة وبعيدة المنال وغير واقعية
وانْ نفهم أن الحياة معطاة لنا لنعيشها بحلوّها ومرها لا لنحقق شهادة أو سيارة أو عمارة.
وأنّ الحياة ليست غايات نتصارع عليها.
وأنّ الحياة هي الهدف بمعنى العيش: وللتبسيط ...حياة العصفور لا لتحقيق غاية بل العيش، يجب أن يتعلم الأطفال هذه المعاني بل والكبار أيضا.  






13.3.14

بعض مفاهيم التعاسة، لماذا أنت تعيس؟!

لا أعجب أن كل مَن حولي مضغوط، عبوس، متوتر ومستنفر. أنا أفهم أن الاحتلال والسلطان وضعوا الحواجز والمتاريس أمام كل سعادة، وردموا كل ينابيع الفرح في هذه الحياة. ولكن بعض التأمّل للوجوه المكفهرّة من حولي أكّدت لي بعض النظريات التي اقتبستها من القراءة وامتحنتها بالملاحظة والتجربة.

أولا: أنت تحمل هموم الآخرين لأنك تعيش قي وسط لا تسمع فيه إلّا أفعال القتل والخطف والهدم والسرقة والفساد والاغتصاب ، أضف أن الغالبية ممن حولك غاضبين كارهين مؤذيين وحاسدين ومتآمرين ونمّامين ويستمتعون بأذى الآخرين.

ثانيا: أنت محاط بأناس مهنتهم زرع الشعور بالذنب فيك من رجال دين، وسياسيين ووطنيين مزيفين حِرفتهم مخالفة القول بالفعل.

ثالثا: وهذا المستوى العميق من التحليل:
             أنك تُصرّ أن تحمل أعباء الآخرين على ظهرك لاعتقادك الخاطئ أنك بقدر ما تعانيه من هذه الأحمال بقدر ما 
             تكسب التقدير والاحترام من الآخرين .
            أضف إلى ذلك أنك تخجل عندما تكون فرحا بينما الآخرون حزينين، حتى أن البعض يخاف أن يحقق نجاحا لكي
            لا يعزم حسدا،
            وآخرون يندمون إن ضحكوا، خوفا من أن يتسببوا لأنفسهم بكَدر مخبئ أو بمصيبة مستترة.
            وهناك مَن يظن أن التعاطف مع أحزان الآخرين يشعرهم بأنهم الأقوى.

رابعا: أما المستوى الأعمق من التحليل فهو علمي: من خصائص الدماغ أنه منتج للأفكار والصور، وأنه مخزن للذاكرة إضافة لكونه مرسل ومستقبل لها سواء كانت حلوة أو مُرّة، ومعروف الآن أن أمواج الدماغ يمكن تخطيطها كالقلب والعضلات، ولهذه الأمواج صفة الكهرومغناطيسية التي تنتشر عبر الفضاء كأمواج الراديو والتلفزيون.

الآن أنت كدماغ فيك المستقبلات لتختار أي نوع من الأمواج السابحة لتلتقطها. ومن هنا يَبان لنا أنّ معظمنا يختار الأفكار والصور والذكريات الكريهة والحزينة ليتفاعل معها لأسباب تَقدّم ذكرها.
بقي أن نُذكّرك أنّه على هذه الحقيقة العلمية ظهرت مقولات مثل "التعاسة مُعدية" "كن ايجابيا"، "رافق الناجحين"، ومن هنا ينتج مفهوم التّخاطر عن بُعد أو الإيحاء أو الصُدَف المتكررة في ذِكر شيء ثم ظهوره أمامك فجأة.

13.2.14

صراع الغريزة والعقل


عندما يزيد ذكاءك يبدأ بالتدخل في غريزتك ليحتدم الصراع على السلطة بازدياد علومك. البعض يظن أنه على الطريق الصحيح لأنه يجهل باقي القصة.

العقل الواعي هو ذكاءك، والعقل غير الواعي هو غرائزك، ونسبة العقل الواعي إلى الغريزي كنسبة 1: 10، أي أن العقل غير الواعي لديك أقوى بتسع مرات من العقل الواعي. ولو عرفت أن مراكز الغريزة والعاطفة أقدم عمرا بملايين السنين، وأوغل خبرة وأكثر ومراسا في أمور الحياة لأشفقت على العقل الواعي والمنطقي لديك،  وأنّ أذكى الأذكياء لم يتجاوز استعماله لعقله الواعي أكثر من 15% لأدركت حجم المشكلة التي نحن فيها : ما زالت الغريزة أقوى من العقل بكثير وهذا يعني عمليا ما يلي من الاستنتاجات:

1-      أننا بحاجة لفهم الغرائز أكثر لا لكبتها بل لإدارتها بطريقة أحسن؛ فعند كبت الغرائز (ما نسميه شهوات ورغبات ) نبدأ بمشاهدتها في أحلامنا خلال النوم. وعند تكرار المحاولة لاقتلاعها تماما من عقلنا الواعي فإنها تهرب إلى اللاوعي. وإذا تمادينا في ضغطها وتغييبها في اللاوعي تبدأ بالتسلّل من الشقوق إلى عقلنا الواعي  فنراها أيضا في اليقظة (أحلام اليقظة).
لذا فتحرير اللاوعي من مكبوتاته يحوّل الغرائز إلى نوعية جديدة فلا تعود الطبيعة البيولوجية ملعونة ، ولا  الهرمونات مُدانة وموصومة بالعار، فنتجاوز المحرّمات والممنوعات والآثام والمعاصي والذنوب والسيئات والخطايا والأرجاس والدنس ولا يعود الجسم عورة، ولا النقاب عفة، ولا النكاح جهادا، ولا الجهاد جنسا، وسد الطريق على تجار الدين.
2-      أننا جميعا نعيش انفصاما بالشخصية ونزيده عندما نحاول أن نكون عقلانيين أكثر.
3-      أننا جميعا ندّعي الفضيلة والعفة والإصلاح وما هي إلا أقنعة لتمويه المكبوت فينا.
4-      أننا بحاجة لتغيير قواعد النظام الاجتماعي والتعليمي.
5-      أننا بحاجة لأنبياء جدد لاستكمال المهمة.
6-      أن مهمة الحكماء لم تنتهي وهي اشقّ مما نتصور في إقناع الجهلاء والعقلاء على السواء.
أن هذه التفسيرات تشرح الانجراف الحالي والملاحَظ في المجتمع وراء التسلّع والموضة والمظاهر البراقة والمقاهي والجيم الكذاب والأخبار النارية التي كلها تغازل وتغمز للغرائز من قريب وليس من بعيد.

12.2.14

من الحيوان الى الانسان


هذا العالم مقسوم إلى حضارات، أديان، ودول ولا نكون قاسيين إذا قفزنا إلى النتائج لنقول أن جميع هذه التقسيمات هي قديمة وهمية ماورائية وليست واقعية. والحقيقة هي أنّ هذه الانقسامات شاهد على انقسام الفرد وانفصام شخصيته هو، أي أنها صور وانعكاسات لأزمة الشخص في ذاته، فهو ليس موحّد في داخله، لذا لا يستطيع أن ينتج مجتمعا واحدا وموحّدا.

كيف نفهم هذا الانقسام؟ ومن أين جاء، وهل هناك فرصة لإيجاد مجتمع موحّد؟
كل الأبحاث العلمية تدلّل وتثْبت أنّ الإنسان تطوّر عن حيوان. فالتركيب التشريحي والوظيفي يدلّل على ذلك، وبشكل خاص الدماغ القديم (الغرائزي) والأوسط (العاطفي) والقشرة الحديثة (التفكيري والمنطقي)، والآثار الأحفورية تقود إلى أصلنا الغابر، وما زالت نظرية داروين تتصدر نشوء الأنواع وتذكرنا بأصولنا البدائية.

هناك معطيات مُدهشة لعلوم النّفس والعقل من أعمال كارل جوستاف يونغ مفادها أننا نحتفظ بذكريات مدفونة عميقا في لاوعينا الباطني ترجع إلى  مجتمعنا الحيواني الذي نشأنا فيه ومنه. فإذا تم تنويم الإنسان مغناطيسيا فإنه في البداية يدخل إلى العقل اللاوعي الذي يكبت هذه الذكريات، لكن إذا مضينا في التنويم الأعمق  فإننا ندخل حقل اللاوعي الجمعي من ذكرياتنا الحيوانية. وهنا يبدأ المنوَّم في التصرف كحيوان فتغيب اللغة ويحل محله الصراخ الغير مفهوم، والمشي على اربعة والتحرك تماما كالحيوان بحيث لا يقف على رجليه الاثنتين، والأدهش أن بعضهم يتصرف كأسد وآخر ككلب وثالث كحصان ورابع كثعلب.

وقد يشرح هذا المفهوم القصص التي تتحدّث عن الإنسان منسوبة للحيوان كقصص كليلة ودمنة التي ترجمها المقفع من الفارسية الى العربية بعد أن سرقها الفرس من خزائن الهند، التي تتحدث عن مجتمع الحيوان وأبطالها اسود وطيور مؤشرة إلى الإنسان، ومن هنا قصة المزرعة الحيوانية التي تتحدّث عن مشكلة الاستبداد في المجتمع الشيوعي السوفييتي، أو أفلام الكرتون التربوية الحالية المحاكية لتصرفات الإنسان .

فالإنسان ما زال يحمل إرثا كبيرا من الغريزة الحيوانية في داخله: الكره والغضب والعدائية والغيرة وغريزة التملّك والخداع والتّثعلب. يجب الاعتراف أن حقيقة كل ما نُدينه في الإنسان حاليا له جذور حيوانية أصيلة في لاوعيه، وأنّ كل ما يدخل في نطاق التربية والإصلاح المجتمعي والأخلاقي ما هو إلّا اقتلاع لما ترسب من حيوانيّتنا السابقة.

المحبة والصدق والمشاركة والتعاطف كلها مفاهيم حديثة تشكل قشرة سطحية رقيقة جنينية وهشّة  تغطي طبقة حيوانية راسخة سميكة في داخلنا. لذلك نلاحظ انفجار حيوانيّتنا عند أول استفزاز أو مضايقة لنا أو تهديد لمصالحنا، من هنا يمكن القول أننا ما زلنا في صراع داخلي دائم بين ما هو قديم  "الحيوانية" وما هو جديد "الإنسانية" وهذا الصراع:
1.       هو مصدر عدم الوحدة الداخلية للفرد أولا،
2.       وهو المؤسس لإسقاط هذا الانقسام على المجتمع المحيط ثانيا،
3.       وهو مصدر نشوء الدول  والأديان ثالثا،
4.       وهو مصدر السيطرة التي يبتغيها كل فرد، أو اسرة، أو قبيلة أو دين على آخر أو دولة وبالتالي نشوب الحروب والفقر والعبودية والتمييز العرقي والّلوني والطبقي والديني رابعا.
الحلم الأكبر لكل المصلحين والحكماء هو توحيد المجتمع وبثّ القيم الأخلاقية والإنسانية نعتت  ب"اليوتوبيا". وسبب عدم تحقيق هذا الحلم أنهم جميعا ارتكبوا نفس الغلطة، فهم دائما خاطبوا المجتمع وأرادوا إصلاحه، ونسوْا الفرد الواحد فلم يعملوا على فهمه وإفهامه وصقله. المجتمع: هي كلمة وتدل على مجموعة من الأفراد، إذا الأصل هو الفرد، حيث لا يوجد شيء مثل المجتمع في الواقع، الموجود هو الفرد ومنه يتكون المجتمع. الفرد هو الأساس ويجب التعامل مع المجتمع من منظور فردي وشخصي، فالتّعلّم فردي، والتجربة فردية، والمرض والجهل والإرادة والقدرات فردية. أما نشاط الأفراد وشبكة علاقاتهم تنسج المجتمعات وقوانينها وأنظمتها، ولا أرى ضيرا من تذكير نفسي أن المجتمعات المتعلمين أفرادها أكثر تقدما وتطورا من غيرها الجاهلة، فالوعي الفردي بالتأكيد يفرز وعيا جمعيا ايجابيا وإنسانيا متحضرا بالضرورة ومسيرة التاريخ شاهدة على ذلك.

يمكن تحقيق الحلم "اليوتوبيا"، وتحقيق الإنسان الكامن فينا ليتشارك ويتعاطف، وليحب الأفراد بعضهم بعضا إذا انتبه الفرد لذاته وفهمها وبدأ يعمل على تقويتها وتطويرها ودعمها بالعلم والمعرفة........... يتبع

29.1.14

على خلفية التقارب بين السلطة الفلسطينية وإيران


نفهم تقلبات الأمزجة في التفاعلات السياسية والمصالح الدولية وخاصة عندما نقترب هنا في فلسطين من سنّ اليأس التفاوضي الداخلي مع حماس والخارجي مع الاحتلال.

 لكن الملاحَظ أنّ الدولة الفارسية الإيرانية الإسلامية النووية الغير عربية ما زالت تبرهن لذاتها على مدار 8000 سنة أنها دولة حضارية عريقة أصيلة قوية وثابتة وعميقة قارعت منذ فجر التاريخ المقدوني والروماني والفرعوني والعربي والامريكي .

1- فهي علّمت الفاتحين العرب نظام السياسة العالمية والمحلية من دواوين وإدارة سجلات ضرائب واستصلاح أراضي، وهي التي بمدنيتها الامبراطورية نعّمت خشونة الجيوش الصحراوية بقصورها وحدائقها ونوافيرها.

2- وهي التي أمدّت الحضارة الإسلامية بالفلاسفة والمفكرين والعلماء في مختلف المجالات من فقه ولغة وأدب وطب ورياضيات وبصريات وكيمياء وموسيقى وشعر وفن حتى نكاد نقول أن فلاسفة المسلمين جميعهم ما عدا الكِندي هم من فارس وما وراء فارس مثل ابن المقفع، ابن سينا، جابر بن حيان، ابن الهيثم وزرياب وغيرهم.

3- وفي الوقت الذي قضت اللغة العربية على جميع اللغات السائدة في مصر وشمال افريقيا وبلاد الشام والعراق نرى اللغة الفارسية هي الوحيدة التي حافظت على نفسها بعد الفتح الإسلامي، بل على العكس صبّت كثيرا من الموروث الحضاري والفكر الزردشتي في الثقافة الإسلامية الفتيّة (فتح باب العزاء 3 أيام بعد دفنه).

4- وأخيرا فارس هي التي حافظت وأنقذت أهل البيت (أحفاد علي بن أبي طالب) من المذابح الاستئصالية التي قامت بها الدولة الأموية، وفارس هي منطلق الدولة العباسية.

ولحركة التاريخ في الخَلق شؤون.

28.1.14

في الوعي والثقافة الجنسية

أنت لا تحمل دماغا واحدا بل دماغين، الأيمن والأيسر. وهما موصولان بجسر ، و الدماغان يقومان بوظيفتين مختلفتين وليس متعارضتين، ويتبادلان المعلومات عبر الجسر. الأيسر تحليلي ( رياضيات ومنطق) والأيمن حدسي (فني وجمالي وصوفي). وفي حال انقطاع الجسر يصبح الإنسان اثنين لعدم التواصل بين أفكار الجزئين.

اليوغا اكتشفت هذه الحقائق منذ زمن بعيد  عن طريق مراقبة النّفَس وطريقة التّنفُّس. وتوصلت إلى استنتاجات مدهشة أُثبتت لاحقا مخبريا وعلميا.  ولأن الكائنات الحية بطبيعتها تحقق المبدأ الأول من الوجود وهو الحياة، فإنها تصارع للبقاء وللحفاظ على النوع عن طريق التكاثر، ومن هنا فالجنس يعتبر مسألة شخصية وكونية،  ودنيوية ودينية من جهة أخرى، وهذا ما يفسّر اهتمام الأولين واللاحقين به.

من هنا شغلت إدارته (الجنس) ومراقبته وتأطيره حيزا عظيما من حياة الناس إلى حد تجريمه ولعنه فأصبح سلعة لها تجارها وأغنياءها وتخاض الحروب لأجلها، وقصص التاريخ وحاضِره شاهدة على ذلك.
الكلمة السرية في الجنس هي النشوة، التي يسعى إليها الجميع بوعيك أم بدونه وبإقرارك أو عدمه، بحيث تصبح بقية الأمور الأخرى ملحقات بنسب مفارقة وبمسميات قد تكون  صادقة أو مارقة، وهذه مسألة أخرى يتدخل فيها مقدار الوعي والمصداقية لديك في الصراع بين العقل والغريزة والعاطفة.

واليك بعض الحقائق الجنسية:
1-      أن لا علاقة للنشوة الجنسية بالعملية الجنسية  بين الذكر والأنثى. فهي عملية ذاتية مفصولة عن الشريك، وهي عملية احتكاكية ميكانيكية بحتة، أي استنمائية. والشركاء فيها هم فقط مساعدين وليسوا أساسيين، أي أدوات.
2-      أن النشوة ليس لها علاقة بأعضاء التناسل وهي عملية دماغية بحتة، تبدأ من الدماغ وتنتهي في الدماغ، ومخبريا يمكن الوصول إلى النشوة بالرغم من فصل الدماغ عن أعضاءه الجنسية. وهناك فأر، بعد أن قطعت الصلة بين أعضاءه ودماغه،  تعلم الضغط على زر التشغيل الكهربائي الموصول في دماغه بمراكز النشوة مات بعد يوم واحد، حيث انه ضغط أكثر من 600 مرة طالبا النشوة ومستلذا وعازفا عن النوم والشرب والأكل.
3-      أن الأفلام والمجلات الجنسية والدعاية التجارية تستهدف مراكز النشوة في دماغك من خلال الجمال في المرأة وكمال الأجسام عند الرجال .
4-      وفيما يوافق العلم اليوغا ويؤيدها في النقاط السابقة، فإنه (العلم) صامت بخصوص النقاط التالية:
(a)    أن الدماغ الأيسر ذكوري وفيه تحدث نشوة الذكر، وبالمقابل الأيمن أنثوي وبه تحدث نشوة الأنثى.
(b)   أن قمة النشوة تنتج من الاتحاد الكامل بين قسمي الدماغ والتلاحم الوظيفي.
(c)    أن نشوة الأنثى تكون أكثر اكتمالا من الذكر لانشغال الدماغ الأيسر عنده بالمنطق والتحليل (المال والسلطة والمؤامرة)  بينما الأنثى يسمح دماغها الأيمن باستقبال الأيسر والذوبان فيه.
(d)   انشغال الدماغ عند الإنسان بهموم الحياة يجعل عملية النشوة قصيرة وعابرة، مما يبقيه في الوقت نفسه غير مشبعا تواقا ومدمنا، وهذا ما يفسر عدم الالتزام بفصول جنسية محددة من السنة عندنا كما في الحيوانات.
(e)   أما النقطة الأخيرة وهي يوغا وتنترية وصوفية بامتياز: فبقدر ما ارتقى الشخص بتحقيق بذرة الإنسانية الكامنة فيه، وذلك بترفعه عن التفاهات الدنيوية، بقدر ما  تمكن من توحيد جزأي دماغه أسرع وأطول، حينها ستكون نشوته كاملة دائمة مشبعة، لتتلاشى حالة الإدمان والطلب إلى الجنس الغريزي الحيواني، ويقل انشغالك به، فتتحرر المرأة من عورتها والرجل من زناه، ويفقد رجل الدين في الأديان سلطته الجنسية لتصبح روحانية.