18.7.13

تجريد المعنى في سوريا ومصر



الأسهل من أن نحب شخصا بعينه هو أن نحب الإنسانية جمعاء. فبادعاءك حب الإنسانية لا تخسر شيئا، بينما في حب شخص بعينه -وخاصة إن كان قريبا - تجازف كثيرا، حيث أن الحب هو فعل متطلّب معناه أن تخدم وتعطي من تحب، فحب إنسان واحد أصعب ومكلف من حب الإنسانية جمعاء، لان الإنسانية كلمة مجردة لا يوجد لها ترجمة على ارض الواقع.

في حب شخص هناك نقاش وفرح واقتراب وابتعاد وهبوط وصعود وهذا لا تجده في حب الإنسانية. ولأنك لا تستطيع أن تحب الأشخاص الذين حولك،  تهرب فتدّعي حبك للإنسانية لتعوّض عن شعورك بالذنب لتخدع نفسك أولا والآخرين ثانيا.

16.4.13

البحث عن الوضوح 74


بمناسبة :لماذا المصالحة مناطحة وليست مناصحة؟ ولماذا عند البحث عن الصالح يتحول الحديث عن المصالح، ندّعي أن الأشياء واضحة لنفاجأ أن النتائج طالحة: اقرأ هذه المقالة......


السؤال: ما الذي يمنعني من رؤية الأشياء الواضحة؟، احتاج الوضوح للذي أريد أن اعمله وللذي يجب أن لا أعمله؟


اوشو: يوجد رغبة جامحة لدى الجميع بعدم رؤية الواضح، وأجزم أن الواضح غير مرغوب، ومفهوم "الرؤية بوضوح" أو البحث عن الوضوح هو مفهوم ومُدّع خاطئ. لان الواضح كائن وموجود ومتوفر أينما حللت، وفي اللحظة التي تدّعي الرغبة فيه يختفي ويصبح بعيدا.

كلما بحثت عنه يصبح غير واضح، وإذا كنت تفهم الوضوح فانه يصبح خارج البحث.

تأمّل ما يلي: العادي هو الواضح، والمتواضع والمتوفر والقريب هو الرائع، وفي أعمالك وحياتك اليومية أنت تبحث دائما عن الأغلى الأصعب والأبعد،  مع انك في كل لحظة تقابل الواضح......  وتعرِض عنه.


البحث عن الوضوح ملهاة الأنا. أرجوك أن تفهم قصدي.


 أناك لا تهتم بالواضح، لأنها لا تستطيع العيش فيه او معه. الأنا تهتم بالغموض والإثارة بالبعيد، تنظر الى القمم وتفقد القريب البسيط المهم الرائع. أناك تشعر بالنشوة كلما كان المشوار اتعب اخسر اشقّ لإثبات وجوده والمفاخرة والاستعراض وتحقيق ما تسميه الانجاز. ولتفهم اقرأ هذه القصة الرمزية:


 يُحكى ان الله كان يعش في الزمن الأغبر على الأرض مع الإنسان، لكنه واجه صعوبات هائلة من أهواء البشر وازعاجا ما بعده ازعاج، يأتيه هذا يريد مطرا وذاك شمسا وثالثا بردا ورابعا حَرّا وفلوسا وولدا وبنتا ومركزا...........


قرر الله ان ينتقل الى مكان آخر للعيش، فجمع مستشاريه واقترحوا عليه راس جبل ، فقال: سرعان ما يبلغوني لان الإنسان فضولي، اخر اقترح القمر وثالث اقترح المريخ والمشتري فرفض الله لأنه كان يعرف انهم سيلحقونه. جاء الحاجب يوما وأسرّ في أذن الله أن يختفي داخل الإنسان وبذلك لن يفتش الإنسان عنه في القريب بل سيبحث في البعيد ..وهكذا كان وهكذا تم. الله خلق الأكوان واختفى في صدر الإنسان.


 أهناك أوضح من هذا التواضع واقرب من هذه المسافة...وما زال البحّاثة يبحثون عنه.

ادعوك للتنازل عن أناك والتحلّي ببعض التواضع لتسقط الغشاوة عن بصرك ..هذا ان كنت ترى في الله مثلا، واذكّرك انّ الذات الوحيدة الموجودة هي الله فكل المظاهر تعبر عنه وتدلل إليه.


وهل هناك أعظم من عملية الخلق، أنت من تراب والى تراب وهل أوفر من التراب؟. التراب رخيص ومتوافر في كل مكان قريب وبعيد وتمشي عليه، أرجوكم بعض التواضع.


ومن عجائبه انك تُخلق بين المثانة والمستقيم، فهل هناك أوضح من ذلك.؟!

12.4.13

الأنا و الكفر و الشرك ب الله 73

سألني احدهم: أليس الأنا إحدى تجليات الله، أليست الذاتية لعبة الوجود، لماذا أنت ضد الأنا "Ego؟

اوشو: إذا كان ما قلته مفهوما جيدا لديك، وإذا كان هذا هو إدراكك الحقيقي للانا، فليس لديك أي مشكلة معها، لان هذا المفهوم هو المفهوم الصحيح للانا في اعتقادي.

واجاوبك مباشرة: السبب وراء انتقادي للانا ومحاولتي لتحطيمها هو... نفيك؟!............ ليبقى الله وحده......، لأنك إن مارست لعبة الأنا ستنافس الله، وستتسبب في تعبك وإحباطك  وستُقهر وتتبدّد حياتك.

وإذا وصلت لأعماق هذا التحليل ستكتشف أن الأنا هي ملهاة الله وحده ومتعته الأولى والأخيرة التي يجب أن لا يشاركه فيها احد، ولا هو يحب أن يشارك فيها احدا، وان تجرأت وجربت فأنت تتحداه، وفي تحدّيه خسارة ما بعدها خسارة.

كل شيء لله وكل شيء ..الله...ولا موجود غير الله....هذا هو مفهوم المتحرر من الذات. والمطلوب منك أن تكون الشاهد على هذا وعلى هذه الوحدة....وان أقحمت نفسك بين الأنا والله ستقع في المشاكل....فابتعد أحسن لك. الشرك الحقيقي بالله لا أن تعبد إلاها آخرا فقط، بل أن تؤله ذاتك وتعبدها.

 إذا كنت تفهم تماما ما قلت، فأنت متحرر من مشاكل الأنا، عندها لا داعي لإسقاطها لأنه ليس لديك ما تسقطه.
لكن انتبه....قد توهِم نفسك انك تخلّيت عن أناك...كما يدّعي معظم السياسيين والمجتمعيين والمتدينين والكهنة والشيوخ باسم الدعوة لله ووحدته او للوطن ولحمته، عندها يكون عقلك قد خدعك، وهو خبير في الخديعة.

فالعقل له ألاعيبه الكثيرة، والتي ابسطها أن تعتقد انك متحرر من الأنانية تحت ستار الدفاع عن الله.
لا أستطيع أن افهم كيف أنت تريد الدفاع عن الله؟!، وهل هو بحاجة إلى من يدافع عنه؟ حتى وإن احتاج فانه لن يمنحك هذا الشرف، لأنك اعجز من أن تتحكم في ما يخصك فكيف الدفاع عنه.

جرت العادة ان يستعين الضعيف بالقوي ..... فمن أنت لتدافع عنه أو لتعينه لو احتاج المساعدة، فأنت أحقر من أن تتحكم بطاقة الحياة في حبة قمح، أو أن تتحكم في يوم ميلادك أو ساعة رحيلك، ثم ما هو عِلْمك وعَمَلك.... ناهيك عن الأكوان والخلق والفراغ والدقيق والواسع.....فأرجوك أن تتحلى ببعض التواضع.

اكرر....إذا فهمت أن كل شيء لله....فأنت غير موجود.
الأنا أحمق، وكلمة أحمق جميلة، لأنها ترمز للخصوصية وفيها بعض التميّز.

ماذا نعني بالأنا؟ هي تعني أنني شيء خاص ومتميّز، وكل متميز مختلف، وكل مختلف يحاول الانفصال، وفي الانفصال تضع  نفسك في خصومة مع الباقي، وتعتمد كل الوسائل للابتعاد، ولكن معركة الانفصال هي معركة خاسرة من بدايتها، لأنك إلى أين ستنفصل، يجب أن تجد لك شيئا خارج حدود الكون والوجود...لأن كل ما حولك من أملاك الله، والخروج  ليس من ضمن قدراتك.

كل حكماء العصور وروحانييهم كانوا يقولون " اسقط أناك" لإدراكهم أن لا مفر من الوجود تحت جناحيه، ولا قدرة للانفصالية عن ملكوته-لا معناً آخر لكلامهم- ، وانك ستتعب وتتحطم إن ركبت عنادك وإن لم تسقطها تتوتر وتقلق...وهذا معناه أنَّ عقلك خدعك.

كن حذرا مِن أناك، فهو يستطيع أن يجد ألف طريقة لحماية نفسه، انه متخصص بالمنطق، لا بل عمله الوحيد هو المنطق، وبالأحرى هو أساس المنطق، وهو المنطقي الوحيد. الأنا هو من أسّس المنطق تحت ستار الدفاع عن الله والدين والعائلة والوطن والأخلاق ومليون شيء آخر..وهو الذي زرع التبرير في العقل................واليك هذه النكتة:

تصاحب قرد وضبع، فشكا الضبع للقرد أن في الغابة أسد ينغصّ عليه عيشه ويوسعه ضربا كلما صادفه. تعهّد القرد أن يحمي الضبع، وإذ هما كذلك ظهر الأسد ، فقفز القرد لأعلى شجرة...وانفرد الأسد بالضبع ....وأوسعه ركلا وضربا...ثم اختفى.
متهالكا ونصف ميتا عاتب الضبع صديقه القرد "لماذا لم تدافع عني". أجاب القرد " سمعتك تصرخ ضاحكا فظننت انك تلقّن الأسد درسا لن ينساه، فلم ارغب إفساد  متعتك عليك".

وهذا هو أناك وعقلك ومنطقك وتبريرك.