24.5.10

الأنا والهدف...31

الحلقة الحادية والثلاثون
ترجمة د. خالد السيفي

أنانيتك هي التي تريد هدفا، الأنا ينتعش بين الحاضر والهدف المستقبلي، هذه هي لعبة الأنا، كلما كبر الهدف وبعُد كلما شعرَت الأنا بعظمتها وأهميتها.

الأنا: تعني المسافة بين الآن وما سأصبح عليه في المستقبل....هذا هو الانا...ابعاد واحجام ، ازمان ومواقع.

إذا كنت مسيحيا او مسلما وأردت ان تصبح يسوعا او محمدا، يعني ان لك اناً كبيرة جدا.
ربما تكون ورعا ومؤمنا حقيقيا ونقيا، لكن هذا لا يحدث فرقا، فأناك تبقى ضخمة ومسيطرة. الأنا المتدينة لا تختلف عن أي انا أخرى، واحيانا تكون اخطر من أي انا غير متدينة.

يأتيني الناس طالبين النصيحة قائلين "كيف نتغلب على الانانية، كيف نُسقِط الأنا؟"
فأقول: لا تستطيع ذلك الا اذا توقفت عن س"تصبح"، لا تستطيع التخلص من الانا الا اذا أسقطتَ فكرة النموذج والهدف والمستقبل.

الانا موجود في المسافة بين الحاضر الان والمثال المستقبلي. كلما كبر الهدف وكلما بعد النموذج، كلما تمدد الانا وتوسع. لهذا يصبح الانسان المتدين اكثر انانية من غير المتدين، لان للمتدين نموذجا بعيدا جدا يريد ان يصله - "الله"، أما غير المتدين فانه لا يتمتع بهذه الرفاهية الخيالية.

المتديّن يريد ان يصل الله، ان يصبح إلاها، وهذه قمة احتمالات الأنا. وما هو النموذج الذي يمكن ان يكون اكبر او ابعد من الله ل"تصبح"ه. المتدين يريد ان يصل السماء... ان يذهب الى الجنة....ما هو الحد الابعد الذي يمكن لانسان ان يتصوره او يتخيله.

المتدين يريد ان يكون كاملا، وسيعيش أناه في ظل هذا الكمال ويتصرف على أساسه، وعلى الآخرين الذين حوله ان يعانوا من مطالبته لهم بتبجيله وتلقي مواعظه او من تكفيره لهم..... لن يكون إمامهم مفر، فلا يمكن لأحد غيره ان ينطق بالحقيقة، وهي لا يمكن ان تجري إلا على لسانه، ويصبح ممثل نموذجه (الله) على الأرض.

اسمعني جيدا... انا لا أقول انك لا يجب ان تتمنى الإلوهية،...انا اقول لك الآن انك انت الله.

اذا فهمت هذا، فلم يعد هناك مساحة تفصلك عن نموذجك، ولن يكون هناك داع لامتشاق الأنا خاصتك.

لقد أعلنتك..... انك الله...فماذا تريد ان تصبح اكثر.

دع اناك جانبا، لانك ستعاني وتجعلنا نعاني معك. لا داعي لان ترحل الى السماء، انك بالفعل هناك.... انظر حولك جيدا ... انك في الجنة، الجنة وليدة اللحظة وهنا، انها في ال"هنا والآن"، الجنة موظفة لخدمة الان وهنا. الجنة هي رمز وشعار وهي تحصيل حاصل ونتيجة للواقع المُعاش.

أناك تنتعش بوجود الهدف المستقبلي والنموذج المبتغى، لكن هناك الف مشكلة بالانا والمستقبل...... أي نعم صحيح، في احد الأوجه انت تشعر بالاهمية والاثارة لوجود هدف، ولكن في الوقت ذاته تجلب الأنا لك الإحباط والشعور بالذنب.
OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha

17.5.10

أنت ما أنت..30

الحلقة الثلاثون
ترجمة د. خالد السيفي

تقول "انك تريد ان تصبح حقيقيا، لكن كيف هي الحقيقة، وما هي الحقيقة؟"،
نحذرك: حين البدء بالتفكير "ان تصبح"، فانك تدخل وهم المستقبل، فتصنع غاية، وتخلق هدفا.

بعد ذلك تمضي في بحث تفاصيل هذا الهدف. ومن ثم يأتي سؤالك عن كيفية الوصول اليه. هنا يمسي الأمر تقنية فاقدة المعنى وآلية ميكانيكية روتينية، او يصبح مهنة.
انا اقول لك انت الحقيقة.

احد روحانيي الاوبانيشيدا يقول "انت انت": يعني انك الحقيقة الجاهزة وليس هناك ما يجب البحث عنه او الوصول اليه،لا داعي الوصول الى أي مكان.

الله ليس شيئا للوصول إليه في المستقبل، الله موجود الآن، في هذه اللحظة، في داخلك وخارجك وفي كل مكان....ولان الله هو الوحيد الموجود....فلا احدا موجود سواه. إذاً فكل الوجود إلاهي، وأنت من ضمنه، فأنت الله.
لذا أرجوك كفّ عن محاولة "ان تصبح".

أحذرك، ان فكرة تقود الى أخرى: عندما تفكر انك س-"تصبح"، يعني انك تريد ان تصل الى نموذج، وهنا عليك تخيّل او تصوّر المثال الذي تريد ان تصبحه، اتصبح المسيح ام كريشنا، او على شاكلة بوذا؟. ومحاولة التقليد والتشبّه هذه تُنْتِج منك نسخة كربونية لا أكثر ولا أقل، نسخة ليست أصيلة بل مزيفة وبعيدة عن الأصالة.

دعني أصارحك: كريشنا لن يُكرّر، الم تر انه لم يَعُد مرة ثانية، وكذلك بوذا. والحقيقة البسيطة ان كل مخلوق مميّز ومطلق واصلي....انت كذلك.

اذا حاولت ان تصبح شخصا آخرا، ستكون وجودا كاذبا ومزيفا. لذا كن أصلا وتصرّف على حقيقتك، لا تصبح نسخة. لا يوجد شيئا لتصبحه.

OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha

10.5.10

لا تصبح احدا..29

المقالة التاسعة والعشرون
ترجمة د خالد السيفي

أن "تصبح" شيئا يعني الضرب في المستقبل، ويعني تأجيل الآن، ويعني خلق هدفا، لكن الوجود(الحياة والعيش) هو الآن فقط وهنا، فقط.

الآن: تعني ما تعمله في هذه اللحظة، تعني الوقت الحاضر، وهي أهم لحظة وما تقوم به هو أهم عمل. لحظة الان هي لحظة الوجود اكينونة الحقيقية. مات ما قبلها من زمن، ولم يأت ما بعدها بعد.

هنا: تعني المكان المتواجد فيه وما تعمله في هذا المكان.
يجب أن تفهم انك تعيش فقط في الآن وهنا.

العيش ضمن الزمان والمكان الحالي (الآن وهنا) يجلب ما تصبو إليه من الأهداف والتمنيات المستقبلية. لو فكرت قليلا للاحظت ان الحاضر هو أبو المستقبل، والحاضر يمسي ماضيا بعد لحظة. كل زمن يبدأ من الحاضر رجوعا او تقدما، وكلمة ماضي ومستقبل ترتكز وتُنسب إلى الحاضر.

ما كان حاضرا،.. بعد برهة يصبح ماضيا، وما هو حاضر يولّد أمامك زمن المستقبل. عمليا أنت تعيش وتعمل وتفكر فقط في الحاضر، فالماضي مات والمستقبل لن يأتي.

نحن لا نريد منك ان "تصبح"، نحن نقول لك كُن: أي كن الآن ولا تؤجل وجودك للمستقبل، لان الوجود حاضرا في كينونة الآن. الوجود ليس هدفا، لان الهدف مدفون في المستقبل، ولا اضمن المستقبل.

الوجود موجود في هنا والآن، وحالا في مكانك.

الآن: يعني ان تتصرف كما أنت. لا تحاول "أن تصبح"، أي لا تحاول ان تظهر بمظهر آخر. لقد وضعوا أمامك نماذجا محددة لتقليدها، وصبوا لك مثاليات معينة لتصلها، دائما أجبروك ان تكون شيئا أخر.

كل ما أدعو اليه واعلّمه: "مَهْما كنت، وأيّهم كنت، وأينما تواجدت فأنت جميل وممتاز كما انت.

OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha

3.5.10

أريد ان أصبح حقيقيا...28

المقالة الثامنة والعشرون
ترجمة د خالد ألسيفي

أنت تتساءل " أحب أن أصبح حقيقيا......"
انت لا تستطيع ان "تحب" او "لا تحب"، الأشياء ليست رهن خياراتك. الحقيقة موجودة، والاستقامة دائما متوفرة أحببتها أم لم تحبها. حبك وكرهك ليسا بذي صلة.

تستطيع أن تختار الأكاذيب، لكن لا تستطيع اختيار الحقيقة... الحقيقة هناك قائمة بغض النظر عن خياراتك.

لهذا السبب كان كريشنامورتي يصر على "الوعي التلقائي".
لا تستطيع أن تختار الحقيقة، إنها لا تعتمد على حبك او عدمه،
ففي الوقت الذي تُسقِطُ فيه خياراتك تظهر وتبان لك الحقيقة،
خياراتك هي التي تحجب الحقيقة والاستقامة، وخياراتك هي بمثابة غشاوة على عينيك،
وحبك للأشياء او كرهك لها يمنعك من رؤيتها والتمعن في حقيقتها.

الحب والكره يلونان نظاراتك، فترى الوجود لا بألوانه البديعة، بل بلون العدسات، وأنت تقول "أحب أن أكون حقيقيا" وهكذا تبقى بعيدا عن الحقيقة. دعك من هذا الهراء.

أنت أصلا حقيقي ، أَسْقِطِ الحب والكره، كيف يمكن أن لا تكون انت الحقيقة؟ انك موجود، والوجود هو الحقيقة. انت تتنفس وتعيش فكيف لا تكون الحقيقة، انت تحقق الحقيقة.

خياراتك، جعلتك تختار ان تصبح مسيحيا او مسلما او هندوسيا. حقيقتك انك لست أحدا من هؤلاء. قد تختار ان تكون عربيا او فرنسيا او امريكيا، ولكنك في الحقيقة ... انت كلهم .. وكلهم انت. انت عالمي.

الكل يعيش من خلالك، أنت لست جزءا، الكل يمر من خلالك بكليته. عندما تحب او تختار او تكره فانك تصبح محدّدا ومجزّئا ومسجونا.

الآن، تقول " احب ان اصبح حقيقيا"، لاحقا وتحت شعارك هذا، ومستغلا الحقيقة وممتطيا لها، ستكذب وتتعصب. وباسم الحقيقة تصبح غير حقيقي. هكذا أصبح المسيحي مسيحيا لأنه اعتقد أن المسيحية هي الحقيقة. رجاءا لا تصبح مسيحيا او يهوديا او مسلما ولا هندوسيا.

أنت المسيح بذاته، فلماذا تريد أن تصبح مسيحيا، المسيح والمسيحية شيئان مختلفان، المسيحية هي حالة الوعي التلقائي، ولك فيها ما لعيسى. المسيحية ليست ملك للمسيح، ليس له علاقة بها، انها حالة. وينسحب هذا على البوذية وغيرها.

لذلك ارجوك ان تتوقف عن هذا التفكير بصيغة الرغبة والشهوة "انا احب" "انا ارغب"، هذه هي طريق الخداع والكذب.


إسقِط التمنيات والرغبات وكن فقط ما انت عليه، لا تحاول ان تكون شيئا آخر. أن تصبح شيئا آخرا يعني أن تصبح غير حقيقتك، وغير طبيعتك، يعني مزيفا. مجرد وجودك، كونك موجودا، يعني انك في الحقيقة.

OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha