28.9.10

معلّم ومجموعة للتنوير لبلوغ الإنسان الحقيقي.47

المقالة السابعة والأربعون

ترجمة د خالد السيفي



أن تكون على اتصال بشخص واعٍ يُعتبر ضرورة مُلِحّة، وأن تكون بصحبة أناس يعتقدون أنهم يجب أن يتحرروا ويتساموا ويتنوّروا أيضا حاجة أساسية. وهذا ما يعنيه منهج المدرسة او المجموعة.

تنترا تعتمد المدرسة أسلوبا، وتنصح العيش معا.


أُبذلْ جهدا لِتَجِد مجموعة متنورة تنتسب إليها وتعمل فيها لتدعمك وتدعمها. المجموعة تحشد طاقة من نوع آخر لا تتوافر للأشخاص أنفسهم لو كانوا فرادى، ففي الاتحاد قوّة. أنت معها (المجموعة) تصبح كالبنيان المرصوص.


المجموعة تقوم مقام الدرع الواقي في تخفيف الصدمات، وهي بمثابة النسيج اللاصق يربط ويشدّ الفرد بالمجموع أمام العاتيات من الأمواج المغريّة والشهوات الطارئة، وهي بمثابة شبكة الأمان للسائر على حبل الحياة تمنحه توازنا وتذكره بالأخطار المحدقة.


فالعلاقات الطيبة بداخلها تتشابك وتحشد بطانة تمتص هفواتك وأخطاءك وتحميك من الارتطام بالصخر او الوقوع في الفخ.



يُعتبر جارجييف أعظم التنترييّن المدرسيّين في هذا العصر، وهو يدعم ضرورة التّعلُّم في مجموعة بمثال السجين الذي يتوق ويتشوّق إلى الحرية، لكن وحده وبمجهوده الفردي لن يخطّ طرقه من الظلمة إلى النور، أمّا إذا تساعدَ مع المساجين الآخرين فإن احتمال انعتاقه من ربقة السجن تتضاعف مرّات ومرات.


فمنهم من سيتولّى أمر الحرس، ومنهم من سيتعامل مع الأبواب، وآخرون مع الأسوار... وهكذا. توزيع المهمات من جهة، والأهم انتشار وتعمّق رابطة المشاركة والتلاحم والدّعم بينك وبين المساجين الآخرين، من جهة أخرى، يقوّي فكرة التحرّر ويبث روح التكاتف والتعاضد في سبيل ذلك.


وستزيد إمكانية الانعتاق إذا كان هناك اتصال مع من هم خارج السجن، أي مع شخص حر وطليق. فإيجاد شخص خارج السجن، سجنك، يعني أن تجد معلّما يأخذ بيدك ليقودك إلى التنوير. هذا المعلّم سيكون ذا فوائد جمّة... لعدة أسباب، قد لا تخطر على بال.


هو يستطيع أن يوفر لك بعض الأدوات لتستعملها في عملية الخروج من السجن،.... ويمكن له أن يراقب الحرس من الخارج فيعرف مواعيد تغيير المناوبات، فيحدّد لك زمن الانطلاق المناسب. وقد يُسرّب معلومة تفيد بوقت نوم الحراس وغفلتهم، وممكن أن يلهيهم في إحدى الليالي، أو أن يعزم رئيسهم إلى حفلة لتشتيت انتباههم او...او....


هناك أعمال كثيرة يستطيع الحرّ ترتيبها في الخارج لتُعينك بُعيْد فكِّ قيدك، والتي لا يمكنك انجازها لوحدك وأنت في السجن فمثلا؛ أن يعمل معلّمك على إيجاد سكنٍ لك، وأن تكون مقبولا لدى الآخرين بعد تحرّرك، وأن تنخرط في برنامج تأهيلٍ يساعدك على التأقلم مع المحيط الجديد. فقد حدث أن نبذَ المجتمع عددا ممّن حاولوا التنوّر وسلَّم الثائرين إلى السجّان وأرجعهم إلى السجن ثانية وثالثة.


تنترا تعتمد المدرسة أسلوبا، وتنصح العيش معا.


ستجدُ في المجموعة المثقف والعادي، المُحب والمعادي، الطيّب والمدّعي، والسريع والبطيء، الضيّق والواسع. فيها تشكيلة ممثّلة وغنية من الأفكار والرؤى والعواطف والإلهام. برويّة ورؤية وبصبر وتبصّر يمكن بلوغ ما يُراد.


ومثال آخر على دعوة التنترا للعمل معا هو مثال المرأة والرجل. فالمرأةُ نصفٌ والرجل النصفُ الآخر، وتنترا تؤمن بأن الرابطة التي تجمعهم هي رابطة الشراكة والتساوي والنديّة الايجابيّة الخالية من رائحة أو لون أو طعم العبودية والإستملاك


جلّ المذاهب والأديان فصَلَتهما عن بعضهما البعض وقيّدت اتصالهما، فحرّم الرجال عليها ما كرهت أهواءهم، وأباحوا ما أحبوا لأنفسهم..


جميع المدارس الأخرى اعتمدت الاشتباك والقتال والتنافر، رفض الرجال مساعدة المرأة لهم، وهربوا منها إلى الغابات أو الكهوف. وليبرّروا أنها ناقصة وأنها وسوسة الشيطان الرجيم، وأنها رمز النجاسة وعنوانها ادّعوا أنها الفسْق والفتنة، إن لم تكن البغي بعينه. اقرنوها باللذة الرخيصة ونعتوها بالرذيلة الأبدية، فقذفوها ورجموها بأبشع الصفات والمثالب والمخازي. أصبحت المرأة عدوّتهم..... فأقاموا الحُجُب والسّتائر عليها كخط دفاع أول، ولجئوا إلى القلاع والصوامع قاطعين دابر ما هو أُنثَوي حتى من الجماد والحيوان.



ما عدا التنترا، كلّ القدّيسين والأولياء والراكضين وراء السرّ الإلهي حاولوا العمل بنصفهم الخاص فقط. وما زال الرجل المُجدّ مصرّا على العمل المنفرد، والمرأة المجتهدة كذلك.

ما عدا التنترا، إلاّ صاحبنا سراها الباحث عن مُطْلِقة السهام لتساعده.


تنترا تقول معاداة المرأة حماقة ما بعدها حماقة، وتتساءل: لماذا نضيّع طاقتنا بقتالِ صديقتنا وأمّنا واختنا وبنتنا؟


الحرام هو قهر من يستطيع ويمكن أن يكون صديقنا وحبيبنا وحليفنا. بل المطلوب الاستعانة بهن في مواجهة المشاكل الحياتية الأعقد والأعظم.


أن تساعد المرأةُ الرجلَ، وان يساعدها الرجل يوفّر إمكانية ما بعدها إمكانية للتغلب على ما يحيطنا من جهل ولاوعي.

تنترا: المذهب الوحيد الذي يحثُُّ على العمل معا، تقول توحدوا واتحدوا.

المرأة نصفٌ، والرجل النصفُ الآخر، معا يشكلان طاقة إبداعية وخلاّقة وخالقة، كليّة وصحيّة وصحيحة وصاحية.

فليس صدفة أن يأتي الخَلْق من اتحادهما، والجديد من بينهما.

لذا تُصرّ التنترا على اتحاد الين واليان للحصول على الفائدة القصوى.


أنت، ما زلت ال "إنسان الآلة"، فاحسِنْ تفعيل ما هو فيك أولا، وما هو متوفر لديك ثانيا، وما هو حولك ثالثا، لنتحدّث بعدها عن أمل تطورك إلى إنسان حقيقي واعٍ، فلربما تصبح بوذا نفسه، أو المسيح بعينه، من يدري!.

Osho – Talks on The Royal Songs of Saraha

22.9.10

تمدد الوعي...46

المقالة السادسة والأربعون

ترجمة د خالد السيفي


التنترا مجهود يهدف إلى جعلك أكثر يقظة. كلمة تنترا تعني "توسُّع"، وأتت من كلمة سنسيكريتية جذرها "tan" وتعني التّمدد.


وهنا نقول إن تنترا تعني تمدّد الوعي وتوسّعه... والحقيقة الأساسية التي يجب عليك أن تفهمها أنك ضيّق الأفق ونائم ومخدَّر ويجب أن تصحو.


ولا يتيسّر لك ذلك إلاّ بمساعدة الآخرين.


تنترا تؤمن في التَّعلُّم الجماعي بمعنى المنهج المدرسي. وسبب اعتقادها هذا؛ أن الشخص النائم يصعب عليه الاستيقاظ تلقائيا، مما يستوجب مساعدته. ولتوضيح هذه الفكرة خذ مثلا أنك قررت أن تترك التدخين في بداية السنة.


معلوم لدينا ولديك، أن قرارا مثل هذا قد اتّخذته في بداية كل سنة من السنوات الخوالي. الفرق هذه المرة أننا سنطلب منك أن لا تُقسِم ضمنا أمام ذاتك فقط، كما فعلت في المرات السابقة، بل ستقسم أمام حشد من المقرّبين والأقارب المهمّين؛ أي أمام أطفالك وزوجتك وأبيك وأصدقاءك.


في المرات السابقة كنت تَرجَعُ إلى التدخين لأنه لم يكن احد يعلم انك أوقفته، كان القَسَم سريا. لم تَخَفِ الأنا من أن يتهمها احد بضعف الإرادة ولم تخشَ "أنا"ـك الإهانة.


الآن، وقد أقسمتَ أمام الحشد، فان شرف "أنا"ـك وقيمتها وإرادتها على المحك، فإذا كان احتمال قطعك للتدخين سابقا 1%، فان نسبة تنفيذ القسَم الملقى أمام الحشد ترتفع إلى 10%.


لكن إذا انضممت إلى مجموعة من غير المدخنين، فان نسبة تركك للتدخين ستزيد حتى تصل إلى 99%.


ولفهم السرّ وراء ذلك:


1- أنك عندما لا تكون مدعوما من الآخرين تشعر بالعزلة والغُربة والوحدة، ومن ثم يصيبك اليأس والقنوط والضعف، فتنام وتغيب عن الوعي، أي ترجع إلى التدخين.


2- وإذا رجعنا الى قَسَمك السرّي بترك التدخين، فإنك ستبقى معزولا ما لم يشهد هذا القسم آخرون. هم بمثابة الراصد للأجواء منك، والمراقب للمناخ لك، يشجعونك ويؤازرونك. بدونهم تضعف وترتد.


3- تصبح معرفتهم لقسمك أداة ردعٍ لك لتبقيك واعيا فلا تقع نائما.


4- هذا كله بسبب أنا-ك – Ego . أناك تريد أن تحافظ على سمعتها واحترامها أمام الآخرين.


أُؤكد لك أن انضمامك لمجموعة سيزيد من نسبة انتصارك لان هناك سببا آخرا حريٌ بالتنبيه إليه؛ 5- وهو انك تعيش في نطاق العادة، والمجموعة تحارب العادة.


هنا أذكّرك انه عندما يسحب احدهم علبة سجائره، كنت دائما بحكم العادة تتحسّس جيوبك بحثا عن خاصّتك، او عندما ينفث احدهم دخانا في الهواء كنت تستنشقه متعمدا، وتتعجب ما ألذّه أو تفكِّر ما أجمله.


لكن في مجتمع غير المدخنين لن يذكّرك احد بالتدخين، فتضعف هذه العادة لديك، وان واظبت على الالتزام بالمجموعة ستذوي وتخبو العادة لديك، ثم تموت وتختفي من قلة الاستخدام، وهذا هو ما وراء منع التدخين في الأماكن العامة وإن كانوا يعتمدون تأويلات أخرى مقحمين الإنسان وحقوقه وصحته.


تنترا تقول إن الوعي يأتي من خلال مجموعة، من خلال مدرسة، لذا أنا أُصرّ على أن تبقوْا في مجموعات.


وحدك، قد لا يُسعفك الحظ بالتنوّر. مع المجموعة ترتفع نسبة حظوظك لتصحوَ وتتوعّى.


تماما كمثل عشرة أشخاص ضلّوا طريقهم في صحراء. وفي الليل يزداد الخطر، فالوحوش والزواحف واللصوص وقطاع الطرق في المرصاد. وكحلّ معروف يُنتدب فرد من المجموعة ليحرسهم من المداهمة او الغارة.


الحقيقة: من الصعب جدا أن تطلب من شخص غير متنوّر أن يصمد ثمان ساعات دون نوم، .........شيء صعب للغاية!.


لذا تُقسَّم الحراسات، بحيث يكون نصيب الفرد منها بضع ساعات أو نحوها من الليل، بشرط ألاّ ينام الغفير قبل إيقاظ زميله. يجب أن يبقى احدهم صاحيا حذِرا متيقظا للحماية ولدرء الخطر.


الذي يبقى صاحيا هو المعلّم The Master . المعلم يبقى صاحيا ليمنع الآخرين من السقوط في الغفلة.

Osho – Talks on The Royal Songs of Saraha

16.9.10

الفراش يغطي جسمي...45

المقالة الخامسة والاربعون
ترجمة د خالد السيفي
كنت أقرأ هذه الطرفة:

استلقى المريض بين يدي الطبيب النفسي يقصُّ عليه تفاصيل حياته. وبعد سرد تجاربه في الطفولة، ومشاعره عن الحياة، وعاداته في الأكل، ومشاكله في العمل، وبعد أن أفضى بكل ما يمكن أن يُفكر فيه. قال الطبيب " حسنا، اعتقد انك لا تعاني من أي مشكلة، فأنت طبيعي مثلي، ... مثلي تماما، مئة بالمئة".

فصرخ المريض قائلا "لكن يا دكتور..."ونبرة رعب تكتنف احتجاجه " هذه الفراشات التي تغطي كل جسمي، لم اعد أطيقها..." فقاطعه الطبيب مرعوبا ومبتعدا عنه "أعوذ بالله، لا تنفضها علي".
الطبيب والمريض كلاهما في نفس القارب، جَهَلَة.

المحلِّل والمحلَّل متساويان. وهي لعبة يلعبها الجميع، كلٌّ يمثّل دورا في هذه الحياة. ربما كان الطبيب أذكى من المريض، لكن هذا لا يعني أنه يعرف الحقيقة.

معرفة الحقيقة تتطلب وعيا شموليا وراقيا، ولا يوجد حل آخر.

والوعي الذي نقصده ليس بمسألة فكرية أو ذهنية، ولا يتأتّى من مراكمة المعلومات، ولا من قراءة الكتب الفلسفية، بل هو اليقظة والصحو والإدراك.

علّق چارجييف على موضوع التحليل النفسي بقوله؛ انه لا يوجد علم اسمه علم النفس؛ إذ كيف لِعِلْمِ النفسِ أن يتواجد والإنسان نفسه لم يُحَقَّق بعد؟. عندما يغيب الإنسان، كيف لعلمٍ أن يكون قبله وعنه؟.

أولا، يجب أن يتواجد الإنسان ومن ثم تأتي العلوم عنه لاحقا.
علوم النفس الآن هي بعض الملاحظات التقنية عن الماكينة التي تُدعى إنسانا جزافا، لكنها ليست علوم نفس الإنسان الحقيقي.

علم النفس ممكن ان يتواجد فقط حول الإنسان المتنور.
المتنور واعٍ، لذلك يمكن لك ان ترى ماهية عقله وطبيعة روحه.

صحيح أننا نعالج هذه الماكينة عندما يلمّ بها عطب أو خطب ما، لكن ما نفعله لا ينتسب إلى علم النفس أو السيكولوجي، بل لعلم السلوكيات. وفي هذا الحقل كان بافلوف وسكينر اصدق بكثير من فرويد ويونغ...بإيمانهم أن الإنسان ماكينة.

إلا أن بافلوف وسكينر كانوا محقّين فقط بخصوص هذا الإنسان الماكينة المتوفر الآن. لكنهم من جهة أخرى كانوا مخطئين، لأنهم (بافلوف وسكينر) ظنّوا أن هذه هي الخاتمة؛ وباعتقادهم أن الإنسان لا يمكن أن يكون إلا على هذه الصورة الميكانيكية، وأن هذه هي نهاية المطاف.

لم يستطيعوا تخيّل إنسان حقيقي كامل - ذو روح ومشاعر ووجدان ونُهى ولُب - غير المتوفر الآن (الإنسان الماكينة). هنا كان مقتلهم.

لكن فرويد ويونغ وإدلر كانوا أكثر ضلالة، لأنهم فكروا أن الإنسان المتوفر حاليا هو الإنسان الحقيقي. كانوا يتشدقون؛ ما عليك إلاّ دراسة الإنسان الحالي لتعرف الحقيقة.

حُظِيَت هذه المعتقدات بشعبية واسعة حينذاك، فانتشرت وطَغَت وعمَّت وعمَت، وشكّلت ظاهرة مميَّزة لدى الباحثين والعلماء، "كالموضى". وأقل ما يمكنني القول فيها إنها ظاهرة جهل مطبق، وهي ما زالت تلاحق وتُدين هؤلاء السيكولوجيين العظام!.

وما زلت أؤيد چارجيڤ أن الإنسان غير موجود بعد.
الإنسان خرافة، ودع هذه المقولة تكون إحدى الرؤى الأساسية لمفاهيمك. لأن هذا المفهوم يحررك من الأكاذيب والأوهام والخدَع التي تغشي عينيك.
Osho – Talks on The Royal Songs of Saraha

7.9.10

أأنت بوعيك؟...44


المقالة الرابعة والاربعون
ترجمة د خالد السيفي


وقع يونغ في حب فتاة شابة، وهذا مخالف لسمعته وشهرته، فانزعجت زوجته التي أحبته كثيرا ووثقت به. إلا أن يونغ برّر خطأه بطرافة وسذاجة. هكذا يكون الشخص اللاواعي، يُقدِمُ على حماقة ثم يبررها ليثبت انه واع لِما اقترف... هكذا يستمر بالحياة..

انظر كيف فعل ذلك.
قال " أنا عملت هذا بوعي كامل...في الحقيقة، هذا ما كان يجب حصوله منذ زمن بعيد" هذه كلماته، وإمعانا في تعنته، وإثباتا لجهالته، طور يونغ نظرية جديدة تدعم سطحيته زاعما؛ ان هناك نوعين من النساء على وجه الأرض: صنف الأم المحبة الحنونة المهتمة وهي الأم الزوجة. ونوع آخر؛ سماه الملهمة، العشيقة،.... اللعوب.

ويقول يونغ " إن الرجل بحاجة إلى الاثنتين". وهو بالذات بحاجة إلى الأخرى لأنه مبدع. دائما بحاجة إلى الإبداع!. لذا يحتاج لزوجة تحبه، تهتم به، تخدمه وتعطف عليه. وأخرى عشيقة تكون له مصدر وحي والهام بطريقة مثيرة، تأخذه عميقا ليسبر عالم الأسرار ، وعاليا ليحلق فوق الخيال والأحلام. هذا شرط إبداعه!.

يونغ طور هذه النظرية التبريرية فلم يثبت شيئا إلا جهله ولاوعيه.
هنا فقط اذكّر يونغ وغيره أن الشق الثاني من النظرية بقي ينتظر من يجرؤ على صياغته، والذي كان يجب ان يحمل في طياته الفكرة التالية: أن الرجال أيضا نوعان.

هنا تكتمل النظرية لتكون أكثر منطقية، ولتستحق لقب الاختراق العلمي. وهذا يعني أن هناك من الرجال ما يصلحون أن يكونوا آباء ومربيين، وآخرون يستطيعون لعب دور الحبيب والعشيق. وبهذا تكون زوجة يونغ بحاجة إلى رجل آخر يشعرها بالحب ويعوضها عن الإثارة المفقودة.

وإذا كان يونغ يعتقد انه الحبيب فهي بحاجة الى آخر ليمثل دور الأب، وإذا اعتقد انه الأب، عندها تستحق هي أن يكون لها عشيق.

يونغ تجاهل في نظريته الشق الثاني الذي يخص الرجال، ولم يطوره، وصمت عنه إلى الأبد. وبذلك أضحت نظريته خرقاء ومفرغة ولا تمت إلى العلم بصلة. لقد وقع هذا الذي يسمى بالعظيم في شباك عقله التبريري.

نحن نتمادى في خلق الأعذار والمبررات. نعمل الأشياء من غير وعي، نقوم بالأعمال ولا نعي الدوافع وراء عملها. والأدهى، أننا لا نعترف أننا عملناها بسبب غياب الوعي والانتباه.
انتبه لا تكون تبريريا.

وأتساءل أنا: كيف يكون شخصا مثل يونغ مفيدا للآخرين؟
معروف أن العديد من مرضاه قضوا انتحارا،
...... لماذا؟.
لقد قصدوه طالبين المساعدة فانتحروا. إذاً فثمة شيء أساسي كان مفقودا او مغلوطا. واعتقد أن تحليلاته كانت غير صحيحة ومشوهة.

ربما لأنه كان شخصا متعجرفا وأنانيا ومتوترا؛ لقد كان مشاكسا ويحب العراك مع زملاءه الأطباء. وربما كان كل نشاطه في التحليل النفسي نابعا عن غيرةٍ من سيغموند فرويد، ومبنيا على اعتقاده المتعالي بأنه أفضل منه.

إلا إنني لا استثني انه كان يبحث في التحليل النفسي عن حلول لما كان هو يعانيه من أعراض ذاتية لأمراض أقلقته طويلا، معتقدا انه بذلك يساعد الآخرين، وقد يكون هذا الاحتمال الأقرب إلى الحقيقة من الاحتمال الاول.

يونغ كان مهووسا. كان دائم الخوف من الأشباح، حتى عندما عمّر في الحياة- والمفترض انه كان قد اكتسب بعض الحكمة- امتنع عن نشر أهم كتاب له خوفا من أن يعرف الناس حقيقته في حياته.

لقد نُشرت جميع أعماله.....، لكنه تأكد أن يحصل هذا بعد مماته.

الآن قل لي، ما نوع هذا الوعي؟ ولأي مدىً كان هذا الرجل حقيقيا وصادقا، لقد كان طوال الوقت خائفا أن يكون مخطئا، أو أن يكتشف احدٌ أخطاءَه وأسرارَه في فترة حياته.... هذا الرجل كان مزيفا.


OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha