11.3.11

"ليس هناك أقوى من فكرة قد آن أوانها"

فلنسقط الدكتاتور

د خالد السيفي

العنوان مقولة لفكتور هيجو، وكلنا نجاوبه نعم،صدَقْت لقد آن الأوان لإسقاط الديكتاتور.

تبيّن أن الأباطرة الذين نعظّمهم ما هم إلا مجانين عظَمة، ويلهثون وراءها كالكـ­­ـــ.... وراء العظْمة، وأنّ هؤلاء العظام عظام مكسوة لحما ويغذيها دم، لكنهم ليسوا مثلي ومثلك، إنهم عبيد سلطة، وعبد السلطة لا يمكن أن يكون حرا فكيف يحقق لنا حرية.

واكتشفنا أيضا أن ما يخطّونه من كتب خضراء ودساتير صفراء باهتة لا ترقى حتى إلى درجة ثالثة بالنسبة لإعلامي أو مروج سلعة أو بائع خضروات شريف ومتواضع . و هم ما زالوا يسنّون القوانين والمراسيم، التي لا تعدو أكثر من تفاهات وهلوسات سلطانية.

كل هذا هراء، وصدَق "مادون" عندما أكّد على "أن استنتاجاتهم وقوانينهم هي النقطة التي يُرهق فيها دماغهم بعد طول تفكير في التآمر عليكم".

وإذا وافقت أن الشعب يستطيع إسقاطَ النظام، ووافقت مع س. كوفي بـ "بتنفيذ العمل حول أوّل الأوليات" يصبح التخلص من هؤلاء الطغاة من صلب مسؤولياتنا، فمن قال أن علينا تقبّل كل أنواع جنونهم. لقد أوهمونا أنهم خارقون وأسطوريون وحتى أنهم يطيرون، صدّقناهم بسذاجة وعند أول تجربة هوَوْا بفعل الجاذبية الثورية فغدوْا حطاما رميما.

يجب القضاء عليهم لأنهم اقتاتوا على شقاءنا عقودا... وكفى. لم يعد على الأرض أنبياء، وولّى عهد السفهاء. يجب أخْذ زمام أمور حياتنا بأيدينا وبالكيفية التي نريدها لتصبح الحياة حياة، والحياة احتفالا، وإلاّ حمّلونا ما لا طاقة لنا بالأحمال، وحرمونا من كل جميل وجمال.

لا يمكن التصور ولا التخيّل كم أهدروا من المال، ولا كم أجحفوا بحق الأجيال، ولا كم فوّتوا علينا من متعة الحياة ولذة الوجود. يا الهي كم هم مرعبون أنانيون بل مجرمون، بل تعجز اللغة عن التعبير.

الثورة...الثورة..لا يجب التفكير كثيرا والتردد في النهوض. الشعب يجب أن لا يلجمه الإملاء، وأن لا يعبأ بالأخطاء، دائما عَشِق التاريخ أخطاء الشعوب، فمفيدا أن نجرب أخطاء جديدة. في الثورة نتعلم بشرط أن لا نكرر الخطأ نفسه، و"تاريخ الصّحِ الخطأ" ، والإبداع يكون في القاع.

هنا يجب التفكير بلغة أرواحنا لا بضجيج أفكارنا، لا بماديّاتنا بل بقِيَمنا، هذا شأن لا يخضع لميزان الأرباح والخسائر،هو تماما كشأن الجندي الذي يدافع عن الوطن أو كالأم التي تبذل الغالي والنفيس في الحفاظ على خلفها. المُثل والقيم العليا لا تُوضَع في كفة الميزان مقابل أي شيء، إنها متعالية ومفارقة إنها ربّانية وإلهية. لولا مُثل الحرية والمحبة والإخاء والصدق والإخلاص والضمير والجمال لما تمّيزت الأمم ولا تقدّم العِلم ولأصبح الصّنم قبل العلَم.

الطغاة يعملون بقانون ستيوارت "أسهل أن نعذرك من أن نأذن لك"، ولزبانيّته قانون يعقوب " أن تخطأ شأن إنساني، وان تُلقيَ أخطاؤك على الآخرين قمّة الإنسانية" أي دعوه يتولى الاهتمام بكم. وانأ أقول لا هذا ولا ذاك، بل أن تخطأ إنساني لكن في تحمّلنا المسؤولية كرامة لنا وللإنسانية الحية، " لان كل ما يحتاج إليه الشيطان لكي يحقق الانتصار هو أن يجلس الأخيار دون أن يفعلوا شيئا" ايدموند بورك.

يجب أن نتذكر أن لا أحد مسئولا عنا، وانه ليس علينا أن نأخذ الإذن من الدكتاتور لأنه حسب عمنويل كانط "بعد كسره للقانون أصبح مسموحا لنا تكسير كل القوانين"، حتى لو كنا مخطئين .

ثُرْ، لا تتأخر، لا يجب الاستغراق في "ما العمل..." بل اعمل أي شيء لان قانون باركينسون يحذرك " التأخير هو الصورة المقيتة للتجاهل والميّتة للتأجيل".

لا أطلب منك العمل الجهيد، فالحياة أكثر من مجرد عمل. الحياة وجود، والعمل موجود لإسناد وجودك، ولا تنتظر شخصا آخرا ليقول لك هذا، انطلق .....اعمل شيئا يتناسب مع قدراتك وينسجم مع روحك، هذا ليس عملا أبديا، فقط تنجزه مرة واحدة حتى النهاية وتتحرر، لا تأبه لبلطجيّتهم ولا لعساكرهم، إذ " عندما تتغيّر البنية التحتية فإنّ كل شيء يصدر صوتا مدويا" ستان دافيس. فلنضرب الضربة القاضية " إن ألف ضربة لقطع أغصان شجرة الشر تعادل ضربة واحدة لقطع جذورها" ديفيد ثورو.

وإذا كانت الحرية هي الهدف النهائي فهي العتبة الأولى على الطريق، لأنه لا يعقل أن تكون عبدا طوال الوقت وفجأة تصبح حرا طليقا، هذا ليس ممكنا، الحرية آخِرا وهي أولا. الآن أنت حر ويجب أن تُساءل نفسك ما يجب أن افعل بحريتي؟

لا تخَفْ، قال حكيم اليوغا باتانغالي "عندما تُلهمك غاية عظمى أو مشروع خارق فإن كل أفكارك ستحطّم قيودها وستجد عقلك يتجاوز الحدود، وإدراكك يتوسع في كل اتجاه، وستجد نفسك في عالم جديد مدهش وعظيم".

أمّا وقد تخلصنا من الدكتاتور فيجب ان نكون أحرارا بالمطلق، وهذا يعني مسئولين، بما في الكلمة من معنى، وإلاّ قل لي :ما أنت فاعل بحرّيتك؟،

كسرنا القيد وحلَلْنا الأيادي فعلا، فأرِنا أفعالك عملا،

فكّكنا جهاز مباحث أمن الدولة أما انت فحرّر ذاتك،

أطلقنا أسرى الرّأي فتفضل ونظّف فكرك

أسقطنا النظام فلماذا لا تنظِّم وقتك.

يجب أن تكون أعمالك اليومية حرة وواعية ويقظة وموجهة لتحسين حياتك وحياة الآخرين. لا تسمح لأحدهم أن يتولى او يتحكم فيك، ولنبني مجتمعا على أساس عدم منح السلطة المطلقة أولا وعلى الحرية ثانيا.

الموضوع إجماع واجتماع لا تجمّع أو تجمهر، إنه اتفاق لا نفاق، وهو ليس أي اتفاق، انه أخوّة. هنا يكون الفرد حرا، حرا في أن يصبح ما يريده دون تدخل من احد. وطبيعي أن يكون هذا صعبا، لكن لا تكون متعصبا لان كل عصبية مرض ومعظم الدكتاتوريين عصبيّين بل عُصابيّين ومرضى، ومعظم الحروب هي حروب عصبية تقوم بها عصابات أو عصبة يرأسها ديكتاتور.

هناك تعليق واحد:

  1. ابن العم
    اهنئك على الوعي الثوري الجديد الذي تبثه فينا
    ولعل الاحداث كفيله بصياغته على ايدي المثقفين
    امثالك اللذين تعبوا للوصول الى هذه المرحلة التي
    اصبح لزاما ان يبدعوا في سبيل عجن التجربة السابقة مع متطلبات الوضع الحالي
    لك مني كل الدعم والتفهم والالتزام

    بشار

    ردحذف