13.2.14

صراع الغريزة والعقل


عندما يزيد ذكاءك يبدأ بالتدخل في غريزتك ليحتدم الصراع على السلطة بازدياد علومك. البعض يظن أنه على الطريق الصحيح لأنه يجهل باقي القصة.

العقل الواعي هو ذكاءك، والعقل غير الواعي هو غرائزك، ونسبة العقل الواعي إلى الغريزي كنسبة 1: 10، أي أن العقل غير الواعي لديك أقوى بتسع مرات من العقل الواعي. ولو عرفت أن مراكز الغريزة والعاطفة أقدم عمرا بملايين السنين، وأوغل خبرة وأكثر ومراسا في أمور الحياة لأشفقت على العقل الواعي والمنطقي لديك،  وأنّ أذكى الأذكياء لم يتجاوز استعماله لعقله الواعي أكثر من 15% لأدركت حجم المشكلة التي نحن فيها : ما زالت الغريزة أقوى من العقل بكثير وهذا يعني عمليا ما يلي من الاستنتاجات:

1-      أننا بحاجة لفهم الغرائز أكثر لا لكبتها بل لإدارتها بطريقة أحسن؛ فعند كبت الغرائز (ما نسميه شهوات ورغبات ) نبدأ بمشاهدتها في أحلامنا خلال النوم. وعند تكرار المحاولة لاقتلاعها تماما من عقلنا الواعي فإنها تهرب إلى اللاوعي. وإذا تمادينا في ضغطها وتغييبها في اللاوعي تبدأ بالتسلّل من الشقوق إلى عقلنا الواعي  فنراها أيضا في اليقظة (أحلام اليقظة).
لذا فتحرير اللاوعي من مكبوتاته يحوّل الغرائز إلى نوعية جديدة فلا تعود الطبيعة البيولوجية ملعونة ، ولا  الهرمونات مُدانة وموصومة بالعار، فنتجاوز المحرّمات والممنوعات والآثام والمعاصي والذنوب والسيئات والخطايا والأرجاس والدنس ولا يعود الجسم عورة، ولا النقاب عفة، ولا النكاح جهادا، ولا الجهاد جنسا، وسد الطريق على تجار الدين.
2-      أننا جميعا نعيش انفصاما بالشخصية ونزيده عندما نحاول أن نكون عقلانيين أكثر.
3-      أننا جميعا ندّعي الفضيلة والعفة والإصلاح وما هي إلا أقنعة لتمويه المكبوت فينا.
4-      أننا بحاجة لتغيير قواعد النظام الاجتماعي والتعليمي.
5-      أننا بحاجة لأنبياء جدد لاستكمال المهمة.
6-      أن مهمة الحكماء لم تنتهي وهي اشقّ مما نتصور في إقناع الجهلاء والعقلاء على السواء.
أن هذه التفسيرات تشرح الانجراف الحالي والملاحَظ في المجتمع وراء التسلّع والموضة والمظاهر البراقة والمقاهي والجيم الكذاب والأخبار النارية التي كلها تغازل وتغمز للغرائز من قريب وليس من بعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق