6.4.09

لاو تسو والسُلطة

لاو تسو والسُلطة
ابريل 2009
بقلم د خالد السيفي
كان لاو تسو من الحكماء النادرين عبر التاريخ، وعندما وصلت شهرته لإمبراطور الصين قبل 2500 سنة استدعاه ليوليه وظيفة قاضي المحكمة العليا لعموم الصين، لان الإمبراطور اعتقد أن هذا الشخص أحسن من يطبق القانون والدستور في هذا البلد. إلا أن هذا الحكيم وبكل تواضع وإخلاص حاول التملص وإقناع الإمبراطور بعدم ملائمته للموقع قائلا" أنا لست الرجل الصح لهذه الوظيفة"، ولكن الإمبراطور كان ملحا إلحاحا شديدا.

عندها قال لا تسو " أنت لا تريد ان تفهم ما أقوله، ولكن دعنا نجرب ليوم واحد لكي ترى إنني لا أصلح لهذه المهمة، فانا من باب احترامي لك لم أصارحك لماذا أنا لست الرجل الصح لهذه المهمة، السبب هو ان نظامك خطأ، ولا يمكن الجمع بيني وبين مجتمعك، فإما أنا وإما قوانينك، ومع ذلك فلنجرب يوما واحدا".

وفعلا، في أول يوم احضروا حرامي سرق نصف ثروة احد اكبر أغنياء الصين، وبعد سماع المرافعات حكم لاو تسو بالسجن على السارق وصاحب المال بالسجن 6 أشهر لكليهما، فاعترض صاحب المال صائحا ومنبها لاو تسو، أنه هو الذي تعرض للسرقة، وانه هو المجني عليه وليس من العدل أن يساوي بينه وبين السارق.

فقال لا تسو " نعم لم أكن محقا لأنني ساويت بينك وبين السارق، كان يجب أن احكم عليك بالسجن 6 سنوات. لأنك لم تجمع مالك هذا لولا انك استغليت ألاف الناس وحرمت آلاف أكثر منهم من المأكل والمشرب، جشعك وطمع أمثالك يصنع المشردين والفقراء والمظلومين والسارقين، أنت المسؤول عن هذه الجريمة وأنت المجرم الأول الذي يجب أن يحاكم.

كان منطق لاو تسو سليما، فعندما تتركز الثروة بيد حفنة من الأفراد، ويبقى معظم الناس فقراء ، يكثر المتحاجون والمعوزون وتعم الفوضى، والطريقة الوحيدة لمعالجة هذا الموضوع منع الغنى الفاحش ومحاربة تكديس الأموال.
قال الرجل الغني "ولكن قبل إرسالي إلى السجن أريد أن أرى الإمبراطور، لان ما يحصل هنا مخالفا للقانون وللدستور ولم نسمع يوما بهذا الكلام قط".

قال لاو تسو "نعم هذه غلطة الدستور والقانون، وأنا لست مسؤولا لا عن الدستور ولا عن القانون في هذه الدولة، وتستطيع أن ترى الإمبراطور حالا".
عند الامبراطور، قال الغني للامبراطور" اصغ جيدا، يجب ان تُنَحّي هذا الرجل عن هذا المنصب، انه خطير للغاية، اليوم انا ذاهب الى السجن وانت ستذهب غدا، واذا اردت ان تنقذ نفسك ايها الامبراطور يجب ان لا تتردد بعزله الان وفورا، انه خطير جدا جدا، انه رجل حقيقي، وكل ما يقوله الحقيقة بعينها، وكل ما يفعله الصح بذاته، وانا افهم كيف يفكر هذا الحكيم، لكنه سيضعنا كلنا في السجن، انه سيدمرنا.

طبعا، فهم الامبراطور، تماما ما كان يجب ان يفهمه منذ البداية. وفكر انه اذا كان هذا الغني الصغير مجرما، فانا زعيم ورئيس المجرمين كلهم واكبر السارقين في هذه الدولة. وخلص الى ان لاو تسو لن يتمهل في سجنه غدا، ويجب خلعه الان.

ارسلَ الامبراطور في طلب لاو تسو لعزله حالا. هنا ضحك لاو تسو قائلا " ألم اقل لك انني لست الرجل المناسب، وانت اصريت على اضاعة وقتي بدون فائدة، والفكرة هي ان لا مجتمعك ولا سلطتك ولا دستورك ولا قوانينك شرعية، الحقيقة انك تحتاج لأشخاص خطأ لتنفيذ نظام خطأ وقوانين خطأ.

هناك تعليق واحد:

  1. الصحيح انو يجب ازالة السلطة الخطأ والقانون الخطأ من اجل اقامة سلطة سلسمة وقانون سليم/ او كل الاحترام الك يا دكتور على كل مقالاتك

    نواجعة

    ردحذف