22.9.10

تمدد الوعي...46

المقالة السادسة والأربعون

ترجمة د خالد السيفي


التنترا مجهود يهدف إلى جعلك أكثر يقظة. كلمة تنترا تعني "توسُّع"، وأتت من كلمة سنسيكريتية جذرها "tan" وتعني التّمدد.


وهنا نقول إن تنترا تعني تمدّد الوعي وتوسّعه... والحقيقة الأساسية التي يجب عليك أن تفهمها أنك ضيّق الأفق ونائم ومخدَّر ويجب أن تصحو.


ولا يتيسّر لك ذلك إلاّ بمساعدة الآخرين.


تنترا تؤمن في التَّعلُّم الجماعي بمعنى المنهج المدرسي. وسبب اعتقادها هذا؛ أن الشخص النائم يصعب عليه الاستيقاظ تلقائيا، مما يستوجب مساعدته. ولتوضيح هذه الفكرة خذ مثلا أنك قررت أن تترك التدخين في بداية السنة.


معلوم لدينا ولديك، أن قرارا مثل هذا قد اتّخذته في بداية كل سنة من السنوات الخوالي. الفرق هذه المرة أننا سنطلب منك أن لا تُقسِم ضمنا أمام ذاتك فقط، كما فعلت في المرات السابقة، بل ستقسم أمام حشد من المقرّبين والأقارب المهمّين؛ أي أمام أطفالك وزوجتك وأبيك وأصدقاءك.


في المرات السابقة كنت تَرجَعُ إلى التدخين لأنه لم يكن احد يعلم انك أوقفته، كان القَسَم سريا. لم تَخَفِ الأنا من أن يتهمها احد بضعف الإرادة ولم تخشَ "أنا"ـك الإهانة.


الآن، وقد أقسمتَ أمام الحشد، فان شرف "أنا"ـك وقيمتها وإرادتها على المحك، فإذا كان احتمال قطعك للتدخين سابقا 1%، فان نسبة تنفيذ القسَم الملقى أمام الحشد ترتفع إلى 10%.


لكن إذا انضممت إلى مجموعة من غير المدخنين، فان نسبة تركك للتدخين ستزيد حتى تصل إلى 99%.


ولفهم السرّ وراء ذلك:


1- أنك عندما لا تكون مدعوما من الآخرين تشعر بالعزلة والغُربة والوحدة، ومن ثم يصيبك اليأس والقنوط والضعف، فتنام وتغيب عن الوعي، أي ترجع إلى التدخين.


2- وإذا رجعنا الى قَسَمك السرّي بترك التدخين، فإنك ستبقى معزولا ما لم يشهد هذا القسم آخرون. هم بمثابة الراصد للأجواء منك، والمراقب للمناخ لك، يشجعونك ويؤازرونك. بدونهم تضعف وترتد.


3- تصبح معرفتهم لقسمك أداة ردعٍ لك لتبقيك واعيا فلا تقع نائما.


4- هذا كله بسبب أنا-ك – Ego . أناك تريد أن تحافظ على سمعتها واحترامها أمام الآخرين.


أُؤكد لك أن انضمامك لمجموعة سيزيد من نسبة انتصارك لان هناك سببا آخرا حريٌ بالتنبيه إليه؛ 5- وهو انك تعيش في نطاق العادة، والمجموعة تحارب العادة.


هنا أذكّرك انه عندما يسحب احدهم علبة سجائره، كنت دائما بحكم العادة تتحسّس جيوبك بحثا عن خاصّتك، او عندما ينفث احدهم دخانا في الهواء كنت تستنشقه متعمدا، وتتعجب ما ألذّه أو تفكِّر ما أجمله.


لكن في مجتمع غير المدخنين لن يذكّرك احد بالتدخين، فتضعف هذه العادة لديك، وان واظبت على الالتزام بالمجموعة ستذوي وتخبو العادة لديك، ثم تموت وتختفي من قلة الاستخدام، وهذا هو ما وراء منع التدخين في الأماكن العامة وإن كانوا يعتمدون تأويلات أخرى مقحمين الإنسان وحقوقه وصحته.


تنترا تقول إن الوعي يأتي من خلال مجموعة، من خلال مدرسة، لذا أنا أُصرّ على أن تبقوْا في مجموعات.


وحدك، قد لا يُسعفك الحظ بالتنوّر. مع المجموعة ترتفع نسبة حظوظك لتصحوَ وتتوعّى.


تماما كمثل عشرة أشخاص ضلّوا طريقهم في صحراء. وفي الليل يزداد الخطر، فالوحوش والزواحف واللصوص وقطاع الطرق في المرصاد. وكحلّ معروف يُنتدب فرد من المجموعة ليحرسهم من المداهمة او الغارة.


الحقيقة: من الصعب جدا أن تطلب من شخص غير متنوّر أن يصمد ثمان ساعات دون نوم، .........شيء صعب للغاية!.


لذا تُقسَّم الحراسات، بحيث يكون نصيب الفرد منها بضع ساعات أو نحوها من الليل، بشرط ألاّ ينام الغفير قبل إيقاظ زميله. يجب أن يبقى احدهم صاحيا حذِرا متيقظا للحماية ولدرء الخطر.


الذي يبقى صاحيا هو المعلّم The Master . المعلم يبقى صاحيا ليمنع الآخرين من السقوط في الغفلة.

Osho – Talks on The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق