13.11.10

الناطقون باسم الحقيقة. 53

المقالة الثالثة والخمسون

ترجمة د خالد السيفي




هل جننت؟! يقول سراها للإمبراطور، دعني أقنعك أنا، فتأتي معي إلى عالمي. أنا جرّبت عالمك وعشْته ووعيته. علِمْت دنياك، ومن ثم عزفت عنها.


لقد عرفت الحقيقة – حقيقة الأحياء والأشياء - وما تعنيه النرڤانا – الخلود.


أنا استطيع المقارنة، بينما أنت لم تجرّب إلا عالمك... فلا تستطيع المقارنة.


اوشو يقول معلّقا: عندما يقول المتنوّر إن هذا العالم الدنيوي ما هو إلاّ سراب، أرجوك! تأمّل هذا الكلام وتفحّصه جيدا؛ فهو يعني انه عرف هذه الدنيا وبعد ذلك عزف.


عندما يصرّ بعض الملحدين أو اللادينيين أنَّ عالم النرڤانا هو عالم وهم وخيال وأضغاث أحلام، أو هلوسة وبعد عن الواقع، يجب أن لا تأبه بتصريحاتهم لأنهم ببساطة لم يجربّوا غير عالمهم. ولا يمكن أن تثق بتوكيداتهم لأنهم لم يدخلوا التأمّل ولم يعرفوه ولم يجربوه، فهم مشغولون بماديّاتهم وموادّهم .


انظر هنا...مِنْ كلّ الذين جرّبوا التأمّل لم يرتدّ احد منهم، ولم ينكره احد. وأؤكد لك انه لا أحد على الإطلاق منهم تراجع أو انهزم، على العكس كل الذين تأمّلوا إما أصبحوا متصوّفين أو قديسين أو أنبياء.


أمّا الذين لم يتأمّلوا فهم مقيمون في عالم الذباب، غارقون في الروائح الكريهة لعالمهم المادي، ومصرّون على عدم الخوض في تجربة أخرى، لذا فتصريحاتهم لا يمكن التّعويل عليها، ولا يمكن الوثوق بها.


نعم يمكن الثقة بمحمد ببوذا بعيسى بمهافيرا، هؤلاء جربوا الوجهين، عرفوا الأسفل والأعلى. عندما تُشرفُ من علٍ على أسفل يتوفّر لديك ما يمكن الإدلاء به بشأن الأسفل، أي مَنْ كان في القاع وارتقى للأعالي يمكنه التفكّر والتأمّل في ما يراه في الوديان والسهول. بقاءُك في الوادي يحرمك من تجربة القمة.


عندما ينكر الله كل من ماركس وانجلز ولينين، هم يفعلون ذلك لأنهم لم يُصَلّوا أبدا ولم يعرفوا ما هو التأمّل قط. وعملهم هذا يشبه تماما كالذي لم يدخل في حياته مختبرا للعلوم، ومن ثم يبدأ بالنّقد او المصادقة على النظريات.


لذا فإيديولوجياتهم وأقوالهم بخصوص الله لا يُعوَّل عليها وهي كزبد لا يسمن ولا يغني من جوع. لأنها تفتقر للمصداقية.


رجل لم يدخل معملا للفيزياء، لا يستطيع تفنيد النظرية النسبية، وإنْ فعل فقوله لغو ليس من وراءه طائل. عليك الذهاب للمختبر، عليك إتقان الرياضيات الحديثة وتحقيق مرتبة عالية جدا في العلوم التطبيقية لتثبت ما تقوله عن النظرية النسبية.


قد تفهم أمورا كثيرة، لكن إن كنت لا تفهم شيئا ما، فهذا لا يعطيك الحق بإنكاره.


الذين يفهمون النسبية قلائل. حتى في حياة اينشتين لم يزد عددهم عن ألاثني عشر. وهذا العدد يقال إنه مبالغ فيه، فالفاهمون له كانوا أقل من ذلك.


جهلك لا يرخّص لك الحقّ في أن تحكم على ما لا تفقهه، بأنه خطأ.


لا تستطيع التصويت ضد هذه النظرية...ببساطة... لأنك لا تفهمها. قبل إصدار الحكم عليك بالتجربة.


ماركس وانجلز يقولان إن الله غير موجود، بكل بساطة يطلقون حكما سطحيا، هم لم يتأمّلوا ولم يُصلّوا أبدا في حياتهم، فكيف لهم أن يحكموا؟!. هم ليسوا مؤهلين لهذا التصريح.


فقط الذين تأمّلوا الوجود، والذين بحثوا في الحياة، وحفروا في الأعماق، وسبروا الأغوار وكشفوا الأسرار، ووصلوا الجوهر مخوّلون بقول الحقيقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق