1.11.10

الفرق بين الأشياء والأحياء.52

المقالة الثانية والخمسون

ترجمة د. خالد السيفي

والذين لا يفهمون ولا يتمنّون عالم النرڤانا (الخلود)

يشتهون عالم السمسارا (الشقاء)




سمسارا تعني العيش باحثا عن ملذات الجسد، ولاهثا وراء أوهام العقل. سمسارا تعني الإقامة خارجا مع الأشياء، وفي الأشياء. سمسارا تعني العيش أسيرا للـ"الأنا" ومحشورا في أفكار السلطة...الموقع الإجتماعي...الإستحواذ. سمسارا تعني العيش في السموم الأربعة: السيطرة والمال والمقام والشهوة.


هذا يعني ان تعيش في هذا العالم مهووسا بفكرة تحقيق سلطان أوسع، هيبة أرهب وممتلكات أكثر. ويعني أيضا.. الجشع غير المحدود للممتلكات ولهذا الشيء وذاك...أيْ العيش في الأشياء ومن أجل الأشياء. أي في المظاهر والظواهر بعيدا عن الجواهر.


هذا هو المعنى لكلمة "سمسارا" أو "العالم المادي" أو "الخواء الذي لا يُشبع".


فقط راقب نفسك واسأل: هل تعيش مع أحياء أم تمتلك أشياء. هل زوجُكِ أو زوجَتك بالنسبة لك شيء تملكه أم إنسان تقيم معه؟. هل تعامل زوجتك بجلالة؟، هل تحترمها لجوهرها وإنسانيّتها أم تحتاجها كأداة؟.


هل تعتبرين زوجك وسيلة لتأمين الملْبس والمأكل والمأوى وما يتبع ذلك من السيارة والصالون والنزهة والفرجة؟، هل تحافظ عليها لأنها طبّاخة ماهرة ومربية مخلصة وغسّالة لا تحتاج قطع غيار؟. هل هي سلعة يجب الانتفاع منها، مرة لتفريغ الجنس ومرة للكنس.


أذكرك أن الاستعمال يكون للأشياء لا للأحياء.

صُنِعت الأشياء للاستعمال، أما الإنسان الصانع فلا يمكن استعماله!؟.

الإنسان لا يمكن شراءه، السِّلع نعم. والسبب في ذلك انه من المفترض أنَّ في الإنسان قبسا إلاهيّا، وأنّ له عزّة وبه كرامة، فلا يمكن استغلاله أو استهلاكه أو تبضعيه (من بضاعة)، هكذا كان يجب أن يكون؟!.


هل تشكر زوجتك؟، هل أحسنت لوالديك؟، هل تقدّر أصدقاءك؟، أشِكّ في ذلك!. معظم الأوقات نشكر الغرباء لكننا ننسى الأقرباء، لأننا نعتبرهم حاصلا تحصيلا أو ممنوحين لنا بالفطرة أو يجب أن يكونوا هكذا مسخّرين لخدمتنا.


في العادة نحن نصغِّر الناس ليغدوْا أشياء، أي نفرغهم من روحهم، من جوهرهم، من إنسانيّتهم، من إلوهيّتهم وقدسيّتهم. لكن عندما تعرف التأمّل وبعدما يصبح منهجية حياة لك،..... حتى الأشياء تصبح أحياء.... وبالتدريج كل شيء يكتسب شخصية، فتدب الحياة في الجماد، ناهيك عن النبات والحيوان التي تكتسب صفة الإنسانية. ذلك، .....لأن الله موجود في كل ما حولك من وجود.


عندما تبدأ العيش مع الأحياء تختفي الاشياء، وعندما تبدأ الاحساس بالحي يختفي الميت، وعندما تعيش مع الجوهر يختفي المظهر.



العيش مع الأشياء الميّتة هو العيش في الدنيوية، أي "السمسارا". العيش مع الإنسان الحيّ هو العيش في "النرڤانا" الخلود.


سراها يقول للملك: سيدي قضيت عمرك في عالم الدنيا وكنت غارقا في الدنيوية فلم تفهم معنى النرڤانا (الخلود)، وإذا أردت الخلود يجب أن تجربه، أن تعيشه... لا يوجد طريقة أخرى.


لتخبُره يجب أن تتذوّقه، وأنا أقف أمامك وأُمَثِّلْه.

أنت مصرٌّ على أن أشرحه لك؟....لا استطيع!.

يقف الخلود أمامك وأنت تسأل عن نظريات!


لا يكفي أنك أعمى بالكامل ولا تراني، بل تحاول إقناعي بالعزوف والرجوع معك إلى الدنيوية. أنت مثل الذبابة التي تغريني بأنْ اترك غابة خشب الصندل وأريجه لاستبدله بالّلحم الفاسد ورائحته العفنة والنتنة.

هناك تعليق واحد:

  1. معلوم ان المكونات التي انبثق منها الانسان لهاتأثيرهاعلى كينونته وفهمه وحياته ، وما بعد هذه الحياة، ولكل منها اسس تسير عليها بناء على ما تطلبه هذه المكونة، فالانسان من مادة وروح، من معلوم ومن مجهول له ، المادة معلومة والروح مجهولة ، ولكل أثر في فهم الانسان واداركه ووعيه ، وهو يستطيع ان يختار ، ايهما يغلب عليه ، ولكن الموازنة بينهما يحقق اصول واساسيات النشئة والتكوين والحياة وفهمها وادراكات الانسان ومعرفته .. لكل تساؤل يخطر على عقله،،، من أين ..والى أين وماذا بعد ؟؟؟

    ردحذف