12.4.13

الأنا و الكفر و الشرك ب الله 73

سألني احدهم: أليس الأنا إحدى تجليات الله، أليست الذاتية لعبة الوجود، لماذا أنت ضد الأنا "Ego؟

اوشو: إذا كان ما قلته مفهوما جيدا لديك، وإذا كان هذا هو إدراكك الحقيقي للانا، فليس لديك أي مشكلة معها، لان هذا المفهوم هو المفهوم الصحيح للانا في اعتقادي.

واجاوبك مباشرة: السبب وراء انتقادي للانا ومحاولتي لتحطيمها هو... نفيك؟!............ ليبقى الله وحده......، لأنك إن مارست لعبة الأنا ستنافس الله، وستتسبب في تعبك وإحباطك  وستُقهر وتتبدّد حياتك.

وإذا وصلت لأعماق هذا التحليل ستكتشف أن الأنا هي ملهاة الله وحده ومتعته الأولى والأخيرة التي يجب أن لا يشاركه فيها احد، ولا هو يحب أن يشارك فيها احدا، وان تجرأت وجربت فأنت تتحداه، وفي تحدّيه خسارة ما بعدها خسارة.

كل شيء لله وكل شيء ..الله...ولا موجود غير الله....هذا هو مفهوم المتحرر من الذات. والمطلوب منك أن تكون الشاهد على هذا وعلى هذه الوحدة....وان أقحمت نفسك بين الأنا والله ستقع في المشاكل....فابتعد أحسن لك. الشرك الحقيقي بالله لا أن تعبد إلاها آخرا فقط، بل أن تؤله ذاتك وتعبدها.

 إذا كنت تفهم تماما ما قلت، فأنت متحرر من مشاكل الأنا، عندها لا داعي لإسقاطها لأنه ليس لديك ما تسقطه.
لكن انتبه....قد توهِم نفسك انك تخلّيت عن أناك...كما يدّعي معظم السياسيين والمجتمعيين والمتدينين والكهنة والشيوخ باسم الدعوة لله ووحدته او للوطن ولحمته، عندها يكون عقلك قد خدعك، وهو خبير في الخديعة.

فالعقل له ألاعيبه الكثيرة، والتي ابسطها أن تعتقد انك متحرر من الأنانية تحت ستار الدفاع عن الله.
لا أستطيع أن افهم كيف أنت تريد الدفاع عن الله؟!، وهل هو بحاجة إلى من يدافع عنه؟ حتى وإن احتاج فانه لن يمنحك هذا الشرف، لأنك اعجز من أن تتحكم في ما يخصك فكيف الدفاع عنه.

جرت العادة ان يستعين الضعيف بالقوي ..... فمن أنت لتدافع عنه أو لتعينه لو احتاج المساعدة، فأنت أحقر من أن تتحكم بطاقة الحياة في حبة قمح، أو أن تتحكم في يوم ميلادك أو ساعة رحيلك، ثم ما هو عِلْمك وعَمَلك.... ناهيك عن الأكوان والخلق والفراغ والدقيق والواسع.....فأرجوك أن تتحلى ببعض التواضع.

اكرر....إذا فهمت أن كل شيء لله....فأنت غير موجود.
الأنا أحمق، وكلمة أحمق جميلة، لأنها ترمز للخصوصية وفيها بعض التميّز.

ماذا نعني بالأنا؟ هي تعني أنني شيء خاص ومتميّز، وكل متميز مختلف، وكل مختلف يحاول الانفصال، وفي الانفصال تضع  نفسك في خصومة مع الباقي، وتعتمد كل الوسائل للابتعاد، ولكن معركة الانفصال هي معركة خاسرة من بدايتها، لأنك إلى أين ستنفصل، يجب أن تجد لك شيئا خارج حدود الكون والوجود...لأن كل ما حولك من أملاك الله، والخروج  ليس من ضمن قدراتك.

كل حكماء العصور وروحانييهم كانوا يقولون " اسقط أناك" لإدراكهم أن لا مفر من الوجود تحت جناحيه، ولا قدرة للانفصالية عن ملكوته-لا معناً آخر لكلامهم- ، وانك ستتعب وتتحطم إن ركبت عنادك وإن لم تسقطها تتوتر وتقلق...وهذا معناه أنَّ عقلك خدعك.

كن حذرا مِن أناك، فهو يستطيع أن يجد ألف طريقة لحماية نفسه، انه متخصص بالمنطق، لا بل عمله الوحيد هو المنطق، وبالأحرى هو أساس المنطق، وهو المنطقي الوحيد. الأنا هو من أسّس المنطق تحت ستار الدفاع عن الله والدين والعائلة والوطن والأخلاق ومليون شيء آخر..وهو الذي زرع التبرير في العقل................واليك هذه النكتة:

تصاحب قرد وضبع، فشكا الضبع للقرد أن في الغابة أسد ينغصّ عليه عيشه ويوسعه ضربا كلما صادفه. تعهّد القرد أن يحمي الضبع، وإذ هما كذلك ظهر الأسد ، فقفز القرد لأعلى شجرة...وانفرد الأسد بالضبع ....وأوسعه ركلا وضربا...ثم اختفى.
متهالكا ونصف ميتا عاتب الضبع صديقه القرد "لماذا لم تدافع عني". أجاب القرد " سمعتك تصرخ ضاحكا فظننت انك تلقّن الأسد درسا لن ينساه، فلم ارغب إفساد  متعتك عليك".

وهذا هو أناك وعقلك ومنطقك وتبريرك.

هناك 3 تعليقات:

  1. عزيزي خالد كتبت واحسنت ! سلمت اناميمك!!
    كيف تعرف ان ماكتبتة او توصلت الية ليس الا واحدة من الاعيب العقل التي تشير اليها؟

    ردحذف
  2. طيب هاي مشكلة كبيرة يا دكتور... كيف تنتصر على العقل وحيله؟

    ردحذف
  3. مساء الخير خالد. جميل ومفيد ما تختار للترجمة. دمت ناشراً للوعي والحكمة

    ردحذف