14.3.09

في سبيل الله ام في سبيل الجاه

في سبيل الله ام في سبيل الجاه
آذار 2009
بقلم د خالد السيفي
في يوم من الايام حين كان ابو العباس السفاح جالسا، وقد أوتي بالطعام على مشهد من سبعين اسيرا أمويا مسلما، نهض شاعر واستفز السفاح يحرضه كي يقتل اسراه الامويين. مذكرا اياه بقتلى بني هاشم ( حمزة والحسن والحسين) على يد بني أمية. فما كان من السفاح الا ان امر بضرب اسراه بالسياط، ثم طعنهم في القلوب وتقطيع رؤوسهم. والابشع من ذلك انه امر بفرش البسط فوق الجثث ومد موائد الطعام للسفاح ومن معه من بني العباس ليجلسوا ياكلون ويشربون وموسيقاهم آهات وانّات المحتضرين.

تاريخ الخلافات بين ابناء الدين والوطن الواحد لكل الامم مليء بالدروس والعِبر والحِكم ولا سيما التاريخ الاسلامي العربي. ولا يخلو تاريخنا البعيد وحاضرنا المعاصر من المذابح والمجازر الاهلية على يد من يُفترض انه الاخ والحليف والصديق.

المتأمل لهذا التاريخ ولهذا الحاضر يَعجب لكثرة اسباب الشقاق ، ويخلُص الى:
1- ان نزاع السلطة كخلفية اساسية هو القاسم المشترك الاعظم، وان خصوبة هذه الخلفية كافية لخلق اسبابا فرعية لخلافات ثانوية تتضخم وتتعقد حتى تصبح بدورها مادة محورية ثانية وثالثة ورابعة لتدعم استمرارية الخلاف الأساس اولا، وثانيا لنشر الضبابية حوله لتمويهه والتغطية عليه، هذا من جهة.

2- واما من جهة اخرى، فان بين اي طرفين مشحونين يتولَّد تيار من الاتهامات والتراشق والتنابي تعتمد شدّته على التوتر الناتج من مقدار شحنة احتكار الحقيقة والقناعة بصواب الرأي. هذا التيار يخلق مجالا مغناطيسيا له طاقة جذب تدعو المتطفلين للتسلق على محور الخلاف، من هؤلاء ترى اصحاب المصالح الاقليمية والدولية او اصحاب الايديولوجيا بائعي الفكر والوعود والاوهام او منتفعي التكسب بالقلم والوظيفة وعلى رأسهم مصاصي الدماء اغنياء الحرب.

3- ومن جهة ثالثة، وما يدعو للاستغراب انه في كل حالات الشقاق يدّعي الطرفين الحرص على الخلق والخالق وعلى الدنيا والدين قولا لا فعلا، والدليل على ذلك ان حياة الناس اخلاقا وقيما واقتصادا في انهيار بينما تزداد الحواجز والمستعمرات ويترسخ الجدار، وتزداد الأسعار بين راتب متأخر وآخر.

قصة السفاح تجسيد وتكثيف لواقع الساسة والسياسة الفلسطينية التي افرزت ما افرزته من تمزيق الجسد وشق الصف وتشتيت الجهود ونسيان الشهيد وضياع الاسير وموت المريض وتصفية القضية.

والان لك ان تتمرّن ذهنيا، وان كنت اشفق عليك، لتحزر محور الخلاف وبراعمه الفرعية والمتطفلين المتنقلين بين التفجيرات والاعتقالات والسجون وبيوت العزاء في غزة والضفة ( فلسطين)؟!.

اما نعلين وبلعين وام سلمونة وراس عطية وهدم البيوت في القدس ومعاناة الاسرى في السجون فهم ينتظرون من حوار وتوافق لآخر، كان الله في عونهم وحسبهم نعم الوكيل.
جذور وقشور ksroot.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق