18.1.10

حقيقة التديّن...13

المقالة الثالثة عشرة
ترجمة د خالد السيفي
السؤال السادس : احد الحضور يسأل: هل هناك فرق بين طريقة شيڤا[1] وبين طريقة سراها (البوذية) لممارسة التنترا (التدين)؟
اوشو: لا ليس هناك فرق، اذا كان الجوهر هو المقصود.
أما إذا كان المقصود الأسلوب فنعم...هناك فرق (في الطريقة او الشكل فقط).
الاديان كلها واحدة في الجوهر وتختلف في الطريقة او الشكل او الباب الذي تدخل منه إلى الله.

هناك شكلان لِطرق الباب:
الطريقة الاولى، التعبد والصلاة والمحبة – وهي طريق الهندوسية
الطريقة الثانية، التأمل والوعي والتنور – وهي اسلوب البوذية

مهما اختلف الشكل يبقى الجوهر واحدا؛ الوصول الى الله. تُطلق السهام من زوايا مختلفة لتصل الى نفس الهدف، وحتى ان اختلفت انواع الاقواس والمادة المصنوعة منها فلا اهمية لذلك ما دمت اصبت الهدف. والطريقتان وسيلتان أو شكلان يتناسبان مع الطبيعة الانسانية، فنحن تعبير لعقل وقلب او لفكر وشعور.

البوذية تعتمد المنهاج الفكري الذكي، وحركة سراها كلها عن طريق العقل وفي العقل. أما هدف البوذية فهو الوصول إلى مرحلة اللاعقل "No-Mind" ، أي إسقاط الأفكار المتعلقة بالسلطة والمال والجنس والرغبة للتسامي بالتفكير بعيدا عن هذه البضاعة الزائفة. إذاً كل عمل البوذي هو الارتقاء والتسامق بالتفكير السليم الصحيح النقي المتوازن والمتحرر.

الهندوسية تعتمد المشاعر والأحاسيس التي في القلب، والتي يجب ان تتطهر، لتصبح محبة وصلاة. في الهندوسية يبقى المتعبد والإله كيانين منفصلين، ويسعي المؤمن إلى العروج والتسامي بواسطة حبه الخالص للاتحاد والاندغام بالإله في قمة النشوة، ليبقى في أحضان الاله لأطول مدة ممكنة.

بينما في التتنرا البوذية وعلى قمة النشوة يختفي المريد ويختفي الله، فلا يبقى إلا الفراغ، وهو أيضا نوع من أنواع الاتحاد، انه اتحاد الفراغين أو التحام الأصفار. فالجهد من وراء البوذية هو كيف تتخلص من الفكرة. وما دام الأنا فكرة، وما دام الله فكرة. فنفي الأنا ونفي الهوَ (الله) يقود إلى الفراغ الموحَّد. فبعد التخلص من الفكرة لا تستطيع دعوة نفسك ب"أنا" وكذلك مَن ستدعوه ب"الله". الله كما الأنا مفهومان من صناعة فكرية وبناء عقلي، وعند اختفاء هذه الصناعات يبقى الفراغ هو الظاهر.

في الهندوسية تتحرر من الشكل، فتصبح لا تحب الشخص لذاته، بل تحبه، لانك الحياة نفسها ويصبح الوجود هو عنوانك. هنا يسقط التملّك وتتراجع الغيرة وتغيب البغضاء. يختفي الشعور السلبي بحيث يبرز النقاء وعلى قمة اللحظة الاخيرة يتجسد الحب الصافي. هذه هي اللحظة التي تتوحد بها في الله.

في الحالتين أنت تختفي. في الهندوسية تذوب في الله، وفي البوذية انت والله صفران في فراغ، وما زال هذا اختلافا في الشكل. الشيء الجوهري في المعتقدين أنك تختفي بحيث لا يبقى منك شيء على الإطلاق، وهذا هو التنوّر.
لذلك عليكم ان تفهموا: اذا كنت من النوع المحب فشيڤا الهندوسية هي طريقك و"كتاب الاسرار" "Book of Secrets" هو التدين المقدس عندها.

أما إذا كنت من اصحاب التأمل فعليك ب "سراها" وما يمثله من التنترا البوذية. كلاهما صحيح وهما رحلة نحو الهدف، اما كيف تسافر فهذا خيارك. إن كنت من اصحاب العزلة والوحدة فسافر مع سراها، واذا كنت من الذين يحبون العلاقات فعليك بصحبة شيڤا.
OSHO - Talks on Royal Songs of Saraha
[1] شيڤا: الاهة الهندوس الكبرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق