6.1.10

أهملنا القلب... 11

المقالة الحادية عشرة
ترجمة د خالد السيفي
السؤال الرابع
اوشو ، انا افهم كل ما تقوله، اقرأ كتبك واستمتع بها بشكل هائل، لكن أشعر أن هناك شيئا جوهريا مفقودا، ما الخطأ،... هل الخطأ فيّ أنا!

اوشو يجيب، ارجو ان تتأمل هذه الكلمات الجميلة:
الوجود معنا وقريب منا، كان وما زال
كسبنا وانفقنا، واضعنا طاقتنا
قليلا ما نتامل الطبيعة المتوفرة لنا
أهملنا القلب وبخّسْنا البركة
هذا البحر الذي يكشف جوفه للقمر
الرياح التي تهب في كل دقيقة
كلنا تجمّعنا كالازهار النائمة
لهذا، ولكل شيء، نحن لسنا في تناغم
اننا لا نهتز معها (الريح).

اننا لا نهتز مع الطبيعة ، نحن لسنا في تناغم مع الوجود، هذا هو المفقود ، فقدنا الانسجام معه. هذا "الوجود معنا وقريب منا، كان وما زال، كسبنا وانفقنا واضعنا طاقتنا، قليلا ما نتأمل الطبيعة المتوفرة لنا"... .

كيف ستعثر على الله، وكيف ستجد النعمة إذا لم تنظر وتبحث عنهما في الطبيعة؟. الله يتجلى في الطبيعة، الطبيعة هي تمظهر الله. هي شكل الله ومعبده، الطبيعة هي جسم الله.

"لقد أهملنا القلب" وأبعدناه...هذا هو المفقود. "لهذا ولاشياء اخرى فقدنا التناغم".

اذن، الاستماع لي وقراءة كتبي لن يساعدك كثيرا...أنصت لي، وابدأ بالإحساس بي. واشعر بي. أصغ بأذنيك و بقلبك ايضا. دع ما تسمعه يتغلغل ويغوص في أعماقك ليولّد الثقة.

ودعني أقول لك إن ما قصدَته جميع الاديان بالإيمان هو الثقة، ... وهي مفقودة.

الثقة تعني الإنصات بالقلب والمشاركة الوجدانية العميقة ... لا من خلال المنطق، او من خلال السببية والاستدلال الفكري.

لا تستمع لي كانني فيلسوف، ولا تسمع لي من خلال عقلك المنطقي، بل من خلال فؤادك، أنصت لي مثلما تنصت للموسيقى، كإنصاتك لعصفور. انصت لي كانك تنصت لشلال. انصت لي كما تنصت للصنوبر وهو يرقص للريح.. عندها ستشعر انك حصلت على شيء لطالما افتقدته.

لقد اعتمدنا على الدماغ كليا حتى اصبح محترفا، وقد تطرف هذا كثيرا.
نعم انه وسيلة جيدة، وكاداة مطيعة هو ممتاز... لكن اعتماده سيّدا يعرضنا للخطر. لقد تطرف العقل وامتص كل طاقتك. لقد اصبح دكتاتورا. طبعا هو خدوم وشغّيل ولكنك ركنت اليه كثيرا. الانسان تطرف والعقل كذلك. اصمت لهذه القصة:

كان الشاب ماهر طموحا جدا، وعندما تسلّم وظيفة مراسل في مكتب ما، قرر ان يتعلم كل شيء عن اعمال الشركة ليعطي انطباعا جيدا فيترقّى بسرعة. ويوما ما دعاه المدير آمرا "اخبر قسم العلاقات العامة بان يحجزوا لي على متن السفينة "الملكة ماري" في الثاني عشر من هذا الشهر". فقال الشاب " سيدي، ان ميعاد اقلاع السفينة هو الحادي عشر وليس الثاني عشر".
نظر إليه المدير نظرة اعجاب، ثم قال له " دع دائرة المشتريات تجهز طلبية مؤجَّلة لستة اشهر من الالمنيوم". فقال الشاب " هل من الممكن ان اقترح ان تكون الطلبية جاهزة غدا وفورا، لان الاسعار ستنخفض، بالاضافة الى ذلك اقترح ان تكون الطلبية لشهر واحد فقط لان اتجاه القيمة في البورصة سيهبط اكثر في المستقبل". فقال المدير " احسنت يا ولد، انت نبيه ويقظ، وارسِل لي الانسة سلمى لاخذ بعض الملاحظات" اجاب ماهر "سيدي، الانسة سلمى ليست موجودة"، فتساءل المدير متعجبا" اهي مريضة؟"، اجاب ماهر " لا، يا سيدي، لكنها لن تكون قبل العاشر من هذا الشهر".

هذا كثير، وقد ذهب الشاب بعيدا جدا، انه يعرف كل شيء. وهذا حال العقل البشري، لقد تنفّذ، لقد تجاوز حدوده، لقد امتص العقل كل الطاقة ولم يترك للقلب اي شيئ.

وأنت تجاوزت قلبك ولم تعد تستخدمه، لهذا السبب انت عالق، ولن تتقدم اكثر، لقد مات قلبك واصبح نسيا منسيا، وهذا ما تفتقده.

تستطيع ان تُنصِت لي من خلال عقلك وستسمع كل الكلمات... ومع ذلك تبقى غير مستوعبا للمعنى، حتى انك لن تفقه أي كلمة مما سمعته.
ما يُستوعب ويُعقل عن طريق القلب ليس هو نفسه ما يُستقبل بالعقل ، فِهم القلب هو اشبه بالحُب اكثر منه معلومة. اذا احببتني، اذا شعرت بي، اذا اصبح بيني وبينك علاقة، وكانت هذه العلاقة علاقة حب، عندها فقط.... .


OSHO - Talks on Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق