21.6.10

هذه ليست حضارة...34

الحلقة الرابعة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي

السؤال الثالث:
ما رأيك بالحضارة المعاصرة،هل أنت ضدها بالمطلق؟

اوشو: ليس هناك أي حضارة في أي مكان.........فكيف أكون ضدها. ببساطة إنها غير موجودة، ما تسميه حضارة...ما هو إلا خداعا واضحا. نعم، لقد تخلص الإنسان من بدائيته ومن براءته الساذجة، لكنه لم يتحضّر بعد، لان مساره هذا لم يكن ولا مرّة هو طريق المدنية.

الطريق الوحيد للتحضّر هو أن تكون بسيطا وساذجا ونزيها، وأساس التحضّر والتطور يجب أن يكون البراءة الفطرية. هذا ما قصده السيد المسيح عندما قال "ما لم تولد مرة ثانية، وما لم تصبح طفلا مرة ثانية، فلن تعرف أبدا ما هي الحقيقة".

ما تُدعى ب"الحضارة" اليوم، ما هي إلا تلفيقا وزيفا وتصنعا. وإذا كنت أنا ضد هذه الحالة "الحضاري"ة، فهذا لا يعني إنني ضد الحضارة الحقيقية، لان هذه الحال بكل بساطة ليست الحضارة المنشودة. أنا ضدها لأنها احتيال وغش.

سمعت مرة: احدهم سأل الأمير السابق لمقاطعة ويلز البريطانية " ما رأيك في الحضارة؟"، فقال الأمير "هذه فكرة جيدة، لكن يجب أن يبدأ أحدهم بتنفيذها!".
لقد أحببت الجواب. نعم، يجب على احد ما أن يبدأ الحضارة.
الحضارة لم تبدأ بعد. الإنسان ما زال غير متمدن، هو فقط يتظاهر بالمدنية.

أنا ضد التمويه والزيف والادعاء، أنا ضد الاحتيال. يزعم الإنسان انه متمدن. ولو حككته قليلا لوجدته وحشا قاسيا مفترسا. اخدشه قليلا، سيُظهر كل ما يخفيه من شر، ويختفي كل ما يُظهره من خير. كل ما فيه من خير سطحي، وكل ما فيه من شر متجذّر.

تكون على ما يرام، وتوزع الابتسامات، ما أن يخطأ احد معك، او يَمسَّ احدهم حدودك، تصبح مجنونا وتنقلب وحشا وتكون مستعدا للقتل.

قبل لحظة كنت تتبسّم، والآن أنت مستعد للقتل، لقد ظهرت حقيقتك...، ما هذه الحضارة التي تتحدث عنها؟ عن أي مدنية أنت تسأل؟

يصبح الإنسان مدنيا فقط بالتأمل. التأمل هو الذي سيقود العالم الى الحضارة. المتنورون فقط هم المتحضرون. وهذا هو التناقض في الحديث. المتنورون ليسوا ضد البراءة والسذاجة والصدق، إنهم يعتمدون البساطة كقاعدة، إنهم يستخدمون براءة الطفولة كمقياس، وعلى هذه المبادئ يشيدون صروح معابدهم الحضارية.

هذه "الحضارة" تدمر براءة الأطفال وتنتج عملة مزيفة، إنها تنتج وحوشا. هذه الحضارة تدمر فيهم البساطة الفطرية، وتحارب فيهم الشرف الاصيل، ثم تجعلهم متذاكين وماكرين، وأخيرا تحولهم إلى أصحاب مصالح ومنافع، وهنا يقعون في الفخ المنصوب فيتولّى المجتمع تدجينهم أو "تحضيرهم!" أو "تمدينهم!".

هم أولا يجعلونك غريبا عن ذاتك الحقيقية، وما أن تغترب يباشرون بتغذيتك بالقيم الفارغة والكاذبة.

الحضارة الحقيقية لا تكون ضد طبيعتك النقية، ولن تكون ضد طفولتك البريئة. الحضارة الحقيقية يجب أن تكون مع الأصالة والنزاهة.

الحضارة يجب ان تكون بناء على ما لديك من فطرة الطهارة والبساطة، وان تكون مغذية لِما فيك من نقاء وصفاء واستقامة وصدق وأمانة، لتنمو وتزدهر وتُزهر إنسانية وسعادة. الحضارة يجب ان تكون مُجَذّرة على الفطرة البسيطة اللطيفة والجميلة.


هكذا أنا افهم الحضارة، هذه الحضارة ما هي إلاّ علاقات تدفعك إلى الجنون والسعار. ألا ترى أن الأرض أضحت بيتا للمجانين. الناس فقدت روحها الحقيقية، الناس لم تعد ناس...فقدوا ذواتهم، أضاعوا شخصياتهم، لقد فقدوا كل شيء، أصبحوا متظاهرين مدّعين، كلّهم مقنّعين....لقد فقدوا وجوههم، لهذا انا ضدها.
OSHO – The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق