19.7.10

أن أكون حقيقيا.38

المقالة الثامنة والثلاثون
ترجمة د خالد السيفي

تكملة التعليق على السؤال الثاني:
أنا أحب أن أكون حقيقيا، لكن ما الحقيقة وكيف تكون؟ اشعر أنني في دائرة شيطانية، إنني في سجن وأريد أن اخرج منه، ولكن كيف؟

أنت لست في سجن. أنت في بيت الله. أنت في هذا الجسد. وهذا الجسد هو بيت الله ومعبده.......ورجاء لا تدْعُه سجنا، لأنه ليس كذلك. لقد فهمتني خطأ وجانبك الصواب.

أنت كما أنت ممتاز وكامل، لا يوجد هناك أي أهداف لتصلها. ولن تغادر هذا المكان إلى أي مكان آخَر. لذا فنحن فقط مدعوون للاحتفال بهذا الوجود الجميل، فلا تقلبه رجاءً معاناة ونكد.

الوجود ليس مسرحا للشقاء بل هو عيد. لا تجعله واجبا وأعمالا..ولا تحمّله صراعات والتزامات. دع الوجود يكون متعة.

ما كنت ارمي إليه عندما دعوتك للتديّن هو: أن تتخلى عن أناك، وأن تتخلص من شعور الذنب. وما كنت أعنيه أيضا هو أن لا تتورط بأي رحلة إلى أي هدف...كنت اقصد فقط أن تكون.

التواجد في الآن وهنا يعني يعني؛ أن تتذوق الجمال والموسيقى، وان تستشعر وتتوحد مع الشجر والطير والجبل والنهر والنجوم.


عندما تسمع كلامي لا تفسره وتأوّله كما يرضيك، ما يرضيك هو مخالف لما اقصد.

وسأستعرض لك مشهدين لعل وعسى تصلك الفكرة:
المشهد الأول:

يتكلم احد المزارعين عن خبرته للمستمعين في النادي الزراعي عن أهمية استخدام روث الحصان الطاعن في السن، كسماد في الجنائن والبساتين الربيعية، ويسهب في شرح الفوائد وطريقة الاستعمال. وعند فتح باب الأسئلة ترفع سيدة مدنيّة يدها، وتسأل: "قلت أن روث الحصان البالغ هو أحسن ما يكون لتسميد الحدائق فهلا تفضلت وأخبرتني كم يجب ان يكون عمر الحصان بالضبط".

المشهد الثاني: تأخذ إحدى الأمهات الجبليات "Hillbilly" ابنها إلى مدرسة المنطقة لتسجيله، وعندما سألوها عن والد الطفل، أجابت أنها لا تعرف عنه الكثير قائلة" إننا بعد زواجنا اكتشفت انه شاذ جنسيا، فرحل"!. فصلّحها احدهم "تقصدين انه كان لوطيا" فقالت له " لا، لقد كان اضعف مما كنت أطالبه به".

كل شخص يفسر ما يسمعه بطريقته الخاصة. وعندما أقول شيئا ما، لا ادري ماذا ستفهم منه، ولا اعرف كيف ستأوله. كلٌ لديه قاموسه الخاص والمدفون في أعماق لاوعيه. هذا القاموس هو الذي يُصفّي ويلوّن ويغيّر ما تسمعه.

طوال الوقت كنت أقول لك "أن تتحرر".....
ففهمتني خطأ. لقد فهمت انك محبوس في سجن.
نعم، أقول "تحرر" حالا، فتفهم انك مسجون.
لقد اختلفنا على ماذا نركّز.
تركيزي أنا عليك انت "كن أنت، حرا".
لكنك ركزت على السجن وتقول "كيف أكون حرا قبل أن اخرج من السجن".
أنا أقول"كن حرا وبعدها لن يكون هناك سجن".
انت لا تفهم ان السجن هو نتيجة لعادة انك كنت دائما عبدا.
انتبه، لقد تغيّر التركيز ... وكنت تعتقد ان الفكرتين متطابقين.

هناك فرق كبير بين قولي "كن حرا" وبين قولك "انا في سجن"، الفرق شاسع، كل المقصد تغيّر.
في حالة " نعم انا في سجن " سيكون التركيز على الجدران والقضبان والسجان، وسوف تُحمّل المسؤولية للسجن. واذا لم يفك السجان قيدك فلن تستطيع ان تكون حرا، لقد تنصلت من المسؤولية.

أما في حالة "كن حرا"، فانني اقصد انك انت المسؤول.
هي مسألة، شأنك فيها أن تكون أولا حرا. حينها لن يكون سجنا وحراسا وجلادا. والعكس صحيح،
وأرجوك أن تتخلى عن عادة كونك عبدا مزمناً.

ولكي تُسقِط هذه العادة؟ يجب ان تفهم ان الوعي والحرية متلازمتان، وعي اكبر يعني حرية اوسع، ووعي اقل يعني فضاء أضيق.


الحيوانات فاقدة لحريتها لان وعيها محدود، والصخرة لا وعي لها على الاطلاق. الإنسان هو أرقى الحيوانات على الأرض. الا ان الانسان العادي محدود الحرية – هذا إن وُجدت - بسبب جهله. لكن الشخص المتنور لا حدود لحريته....بسبب وعيه، إنها حرية مطلقة.

مسألة الحرية مربوطة بدرجة الوعي التي تقف عندها، وسجنك هو طبقات مكثفة من لا وعيك. ابدأ بالتنوّر ولن يعود هناك سجن.

تذكّر أن العقل مخادع، ودائما يستطيع تضليلك. لقد تعلم أساليب خداعية لا حصر لها. وهو عندما يبدّل كلمة بأخرى لن تلاحظ الفرق لأنها قد تكون شديدة الشبه. انه يتلاعب بك.

أنصحك، عندما أقول شيئا، لا تفسره كما تريد. فقط أنصت لما أقوله بانتباه، ولا تحاول تأويل حديثي. لا تغيّر أية كلمة منه، ولا حتى نقطة من مكانها. لا تُدخل عقلك في جملتي التي تسمعها، وإلا ستفهم شيئا أخرا.

OSHO – Talks on The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق