2.8.10

أصبت الهدف.40

المقالة الاربعون
ترجمة د خالد السيفي

لقد خدعت الآخرين طوال الوقت... وتماديت في هذا..أصبح عقلك متمرِّسا وخبيرا وخبيثا إلى آخر حد...حتى أنه بدأ يخدعك أنت أيضا.

كان قد تعرض احدهم لحادث سير، واستطاع الحصول على مبلغ كبير من المال كتعويض له من شركة التأمين.

في المحكمة، اندفع محامي الشركة مغتاظا من هذا الشخص الجالس على الكرسي المتحرك، المتظاهر بالعجز ليتوَعَّدَه قائلا " أنت مخادع، وأنا أعرِف انك سليم معافى، وليساعدني الله على ملاحقتك واثبات ذلك. سوف ألاحقك إلى أيِّ مكان مهما طال الزمان"؟

كان المحامي محقا وواثقا من أن الشخص هذا صحيح الجسم، وان الكرسي المتحرك ما هو إلا للتظاهر والتَّمسكن.

ضحك هذا المحتال متهكِّما قائلا " كن في ضيافتي، ودعني أخبرك عن خططي. أولا سأذهب إلى لندن للتسوق، ومن ثم للريفيرا لشرب القهوة، وبعدها سأتسلّق اللوردس لكي تحصل المعجزة ". انتهى.

دعني أُنبِّهك، تستطيع أن تذهب إلى ابعد من تسلق الجبال، لكن عاجلا أم آجلا ستكون أنت ضحية خداعك.

إِحذَر عقلك ولا تثق به. أنصحك أن تشكّك به دائما. وستكون لحظة عظيمة عندما تقرر ذلك. لأنك عندها ستبدأ بالثقة بنفسك.

والعكس صحيح، إذا أنت وثقت بعقلك تفقد الثقة بذاتك.

هذا هو المعنى الكامن خلف ثقتنا بالمُعلّم او المُدرب او المُرشد.
عندما تأتي إليّ، تكون مهمتي أن أُشكِّكُكَ في عقلك، لتبدأ بالثقة بي، حتى تصل مرحلة تعترف فيها، انك ستُطيع أوامري. وأنك من الآن فصاعدا سوف لن تسمع عقلك مرة ثانية، لأنك تبعتُه عشرات السنين، وهو لم يَقُدْك إلى أي سعادة، بل على العكس ربما دمّرك.

عندما تفهم مهمة المعلم ستُصرِّح " لا... لا لن انجرّ بعد اليوم وراء عقلي، لن أُُنصت له، انه مكرَّر ومكرِّر وماكر، ويُراوح مكانه بين شهوة وغريزة، بين مال ومآل، وبين آمال وآلام، بين طمع وجشع، وبين حسد ونكد، بين همٍّ ووهم، بين مظاهر ومناظر، بين غضب وعتب، بين إحباط وانحطاط. كلّ مرة يعود ويسير في نفس الطريق وفي نمطية ثابتة. لقد قررتُ تنفيذ أوامرك".

إفهم، المعلِّم ( المرشِد ) فقط وسيلة للتخلص من العقل القديم، وعندما تقرِّر أن تضع عقلك جانبا وتثق بمعلّمك، فانك لا تعود بحاجة إلى معلّم، لأنك أصبحت معلّمَ نفسك.... بغياب عقلك.

المعلم هو فقط جسر العبور لمعلمك الذاتي.
بواسطة المعلم (المدرب) تكون عملية التحرر من عقلك أسهل وأسرع، وإلاّ سيستمر عقلك في خداعك طوال الوقت من غير أن تدري.

عقلك الآن متكبِّر ومتجبِّر ومتظاهر ومتعجرف، هو الآن يصوّر لك أنه الكلُّ في الكل، وانه أهمّ ما في حياتك.

الإنصات للمعلم والثقة به يؤدي إلى إهمال عقلك. المعلم سيحارب عقلك، وسيضطر مرات عديدة لإطفائه، لان ما سيقوله المعلم سيخالف ما يعتقده عقلك... ودائما ما سأقوله لك سيخالف ما في عقلك.....العقل المُهْمَل يموت....وهذا هو الهدف.

العقل المُشكَّك به يموت، أي يرجع إلى حجمه الطبيعي.

والحقيقة أنّ العقل يُشكّل جزءا بسيطا من كينونتك ووجودك، ويجب أن تفهم انك اكبر وأوسع وأعمق بكثير من عقلك.

إلا أن العقل يبقى آلة صغيرة ممتازة وفعّالة، ويجب استعماله بفعالية، ... لكن! بحَذَر، لأنه خطير.

يجب أن تقوده أنت، لا أن يقودك هو، لأنه إن فعل سيُتعِبُك. يمكن لهذا العقل أن يسيطر عليك ويصبح سيّدك فيستعْبِدك ومن ثم يستَبْعِدك الى ان يستبدّ بك فيستعدي لك ويسلّمك للأوهام، فلا تدعه.

إن تبعتَه يتعبك وإن استسلمت له يخونك ويسلّمك.

يجب أن تكون أنت قائده، وأنت الذي تستخدمه وتوجهه.

العقل يقول "سأصبح"،... المعلم يقول "كن الآن"،
العقل يقول "سرور"،... المعلم يقول "فرح"،
العقل يقول "شهوة"،... المعلم يقول "سهوة"،
العقل يقول "يجب أن تتناقض طويلا مع الآخرين لتصل"،... المعلم يقول "لا داع، لقد وصلت ...فأنت سراها....وقد أصبت الهدف".
Osho- Talks on The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق