22.2.10

التلقائية...18

المقالة الثامنة عشرة
ترجمة د خالد السيفي

"من التلقائية الفريدة"
في هذا المقطع يوجد شيء آخر، تقوله التنترا، يجب فهمه بدقة.
تتمظهر التلقائية بشكلين. الأول: تلقائية متهورة وشهوانية غير فريدة وغير مميَّزة. والشكل الثاني: هو ما تدعو اليه البوذية (الحكمة والتعاطف).

يعتقد الذين استمعوا لي أنهم أصبحوا انسيابيين، لكنهم لا يدركون وقوعهم في فخ الشهوانية. إذاً ما الفرق بين ان تكون انسيابيا او شهوانيا؟

ولكي تستطيع رؤية الاختلاف بين الانسيابية العفوية والشهوانية البهيمية عليك ان تفهم انك ذو طبيعتين: جسد وعقل.

العقل محكوم للمجتمع، من خلاله يستطيع المجتمع ان يُدخِلَ اليك ما يريده من افكار للتحكم بك. اما الجسد فواقع تحت تأثير البيولوجيا، وتشكل عبر ملايين السنين، وهو محكوم لغرائزه .

كِلا الجسد والعقل غير واعيين. لذا يجب على روحك ان تتجاوزهما الاثنين.

قلت: بعض الذين يسمعون دعوتي للانسيابية يخفقون كليا في فهمي، فيطلقون العنان لغرائزهم الحيوانية كالجنس والكسل والخنوع والاستسلام والقتل. يدّعون ان اوشو قال "كن تلقائيا".

هذا لن يجعل حياتكم جميلة ومباركة، بل سيجعلكم على صدام مع الآخرين الذين يعيشون معكم وحولكم طوال الوقت. أردتم الهروب من التناقض الداخلي فوقعتم في الصراع الخارجي.

التنترا تقصد "بالتلقائية" ان تكون كامل الوعي والحذر. وهذا هو شرطها الأول - الوعي.

عندما يتحقق الوعي لن تقع في فخ الجسد (الشهوة والغريزة) او في فخ العقل (العبودية).
بعد الوعي تصبح روحك هي مصدر تلقائيتك...التي هي بمثابة البحر والسماء.

إن لم تكن روحك مصدر انسيابيتك فأسيادك هما الجسد والعقل، وكن حذرا من تناوبهما على استعبادك.

الجسد أسرع من العقل انزلاقا في مصيدة الرغبات، لانه اقدم واكثر بدائية، وفيه انسيابية غرائزية وشهوانية طاغية أكثر من العقل، وسرعان ما يصاب بالغشاوة، فيصبح أعمى، ويقود صاحبه الى اقرب حفرة ليسقط فيها متورطا متعثرا. لذلك حاذر من الحُفَر التي سيقودك إليها جسدك. إنها ليست انسيابية، بل غريزة حيوانية بدائية.

أنت تعيش بلا وعي، وسواء أكنت متورطا في الجسد ام متمسكا في العقل... النتيجة واحدة... تبقى غير واع، فلا فرق.

صُعِقَتْ زوجة الجراح المشهور بعد أن مزّق الصفحات الأخيرة من الكتاب، فسألَتْه مستنكرة ويائسة " لماذا فعلت ذلك"، أجابها الزوج مطَمْئِناً "عزيزتي، هذه الصفحات معنونة ب" زوائد"، وقد قطعتها جريا للعادة "

طبعا، قضى عمره يستأصل الزائدة من بطون المرضى، فأصبحت لديه عادة، هو يجريها دون وعي، ودون تفكير، حتى وان كانت زوائد كتاب. هكذا نحن، نتواجد كعادة خالية من أي مضمون او وعي، والتلقائية غير الواعية، ليست تلقائية.

خرج احدهم مخمورا من حانة. بدأ يمشي برجل على الرصيف وأخرى على الإسفلت. استوقفه شرطي مبادرا إياه "أنت سكران"، فقال المخمور "آه، الآن فهمت، وقد ظننتني أعرجا".

عندما تكون تحت تأثير الجسد، تكون تحت تأثير الكيمياء أيضا. نعم أنت خارج مصيدة العقل، لكنك في مصيدة اخرى. وهكذا ستنهض من حفرة العقل لتقع في حفرة الجسد ما لم تستيقظ.

نعم يوجد بعض التلقائية في الغرائز، وفي الغريزة تلقائية أكثر مما في العقل. لكنها ليست هذه التلقائية التي تصبو إليها تنترا، لا في النوع ولا في الغزارة.

لذلك يقول سراها من "التلقائية الفريدة"، وهو أضاف كلمة "الفريدة" ليوضح ان ما يقصده ليس الاندفاع الشهواني بل الاندفاع الواعي للوعي. وأيضا أراد أن يقول أن لكل شخص عفويته المميزة له، الخاصة به، الأصيلة والنقية من التقليد والتشبّه. كلًّ فرد فريد، وكل شخص شخصي.

ولن تستيقظ إذا لم ترغب في التخلص من كل الحفر وكل السجون. هذه الرغبة يجب أن تكون خالصة وجامحة وحقيقية. عندها يمكن أن تصبح مراقبا مشاهدا متعاليا على جسدك وعقلك.

في هذه الحالة المتعالية تكون التلقائية هي التلقائية الفريدة المميزة.
OSHO – “Talks on Royal Songs of Saraha”

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق