30.3.10

من هم الوحوش...23

المقالة الثالثة وعشرون
ترجمة د خالد السيفي

الوحوش (العبيد) لا تفهم العالم (الحياة)
بالنسبة لهم اصبح المكان معاناة، انها لا تفهم
الذي يشرب اكسير الخلود - يفهم
بينما الوحوش تطارد الملذات

كلمة "وحش""beast"هي ترجمة حرفية لكلمة سنسكريتية "Pasho". هذه الكلمة تحمل مغزا خاصا بها.
"Pashu" تعني الحيوان او الوحش ولكنها استعارة لكلمة أصلية "Pash" التي تعني العبودية. "Pashu" في الأساس تعني الشخص المستعبد.

الحيوان هو الشخص المستعبَد، بغض النظر عن المعبود. قد يكون هذا الإله؛ جسدا، او فكرا، او عقيدة، او مالا، او سلطة أو لذة.
والحيوان ايضا؛ هو المستعبَد من قبل المجتمع والمحكوم لعاداته وتقاليده المتكلسة ولقوانينه وعقليته البالية، ولطقوسه وشعائره المهترئة.

الحيوان هو المتعلق بكل ما هو غريزي بهيمي، المتمسك بكل ما هو شهواني، المأسور لكل ما هو إيديولوجي وعقائدي او اسطوري او كهنوتي.

الوحوش "العبيد" لا تفهم العالم (الحياة)
البهائم لا تفهم، وكيف ستفهم؟ وهي لا تسمع، ولا ترى، ولا تشم، ولا تحس، انها في عبودية وغيبوبة. كل حواسها معطلة ومقيدة.

كيف تسمع وآذانها مطيّنة، وكيف ترى وعيونها مشمعة، او تشم وانوفها محشوة، أو تلمس وأياديها مغلولة، او تبصر وقلوبها مغشية، او تفهم وعقولها مسلوبة، او تحس واجسادها مخدرة.


الوحوش (العبيد) لا تفهم العالم (الحياة)
كيف ستفهم الحياة؟ والحياة لا يمكن فهمها الا ضمن الحرية فقط. تستطيع فهم الحياة عندما تكون متحررا من أي كتاب، وطليق اليدين من أي دين، وغير مرتبط بفلسفة وغير محبوس بفكر، وخالي من أي شهوة ورغبة.

أنت تُصبح حرا، فقط عندما تُسقِط كل هذا. والفهم يحصل لمن لم يُدجَّن عقله.

الوحوش (العبيد) لا تفهم العالم (الحياة)
بالنسبة لهم اصبح المكان معاناة، إنها لا تفهم
الوحوش لا تفهم أن العالم أصبح معاناة بسبب سيطرة أجسادهم وعقولهم على وعيهم ومداركهم.

وبكلمة العالم، لا أنا ولا سراها نقصد الجبال والأشجار والصخور والانهار والسماء والبحر والعصافير والجنان والجمال والموسيقى والابداع، لا...لا ، لا تفهمنا خطأ.

بالعالم نقصد ما اخترعْتَه أنت بواسطة جسدك وعقلك. نقصدُ السراب الذي يُهيئُ لك نفسه انه جميل وانه حقيقي ويصورُ نفسه كأنه هو المفروض والمطلوب.

أحذرك، انه لا يتعدى كونه هلوسة وتخيّل وأحلام. انه يبدو حقيقيا لكنه ليس كذلك.

عالَمَك، سراب كقوس قزح، كلما اقتربت منه ابتعد واختفى، وإذا أردت القبض عليه لا تنال سوى فراغا في اليد. لأنك غير واع وغير مدرك للحقيقة.

بالوعي فقط يمكننا استيعاب أن العالم سراب، وانه لا يمكن القبض عليه، وبالادراك والفهم فقط يمكنك استيعاب ان أي سعادة يكون مصدرها حدث خارجي هي سراب ايضا ولن ينوبك منها الا الشقاء.
أي ان هذا العالم او هذا النوع من السعادة هو غش وخداع لأنفسنا.

يظن الشاب او الشابة ان قمة السعادة هي ان يتزوج او تتزوج. لكن ما لا يدركانه، وبأسرع مما يتوقعان سيكتشفان، ان مصدر السعادة ليست الزوج او الزوجة. سيدركان إنهما كانا واهمين حالمين بأحلام ما قبل الزواج.
تتبدد هذه الأحلام عندما تتكشف حقيقة كلٍ من الزوج والزوجة، ليجدا ان كليهما وحشان، يريدان ان يسيطرا على بعضهما البعض. كل واحد منهما يحاول ان يتملّك ويستعبد وان يُعجِّز ويستهلك الآخر.

لقد سمعت ان رجلا عاقلا ورصينا توجه للعريس المرتجف خوفا ليشد من أزره قائلا" تماسك يا رجل، انك تهتز خوفا كالورقة في مهب الريح" . فأجاب العريس " أكاد أن أُصاب بانهيار عصبي من الرهبة، وأرجو ان تعذرني فهي اول مرة".
فقال الرجل: "نعم أتفهم، انها اول مرة، انك لا تعرف ما ينتظرك، فلو عرفت لأغمي عليك".

ستلاحظ انك تكتسب حكمة كلما تمرست في الحياة، وكلما خبرت خداعها، ورقبت أحداثها ودققت معانيها،... وبالتدريج...، من الممكن ان تصحو وتدرك انك تحلم.

وستعرف انه لا يوجد غير السراب الذي يناديك ويحاول إغراؤك لتندفع وراءه في كل أنحاء الأرض متوهما أن السعادة هناك.

ربما إذا تنورت وتوعّيت وازددت حذرا، وربما بعد تقدم العمر، قد تخرجك تجاربك وتحررك من هذا العالم.

وأكرر أن العالم الذي نقصده هو العالم الكذاب والذي حاكته تصوراتك الذهنية، وشهواتك الجسدية، وتخيلاتك وجشعك ورغباتك وعلاقاتك المصلحية. ما نرمي إليه بالعالم السراب هو هلوساتك ومعتقداتك وأيديولوجياتك ودياناتك.

عندما تختفي الأفكار والرغبات والملذات ويبقى الوعي والانتباه والحذر الخالي من الغيوم – الأفكار العابرة وغير الأصيلة -- يظهر ويبان ويشرق العالم الحقيقي. العالم الحقيقي هو ما يُقصد به في الديانات الله او النرفانا في البوذية.
Oaho- Talks on The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق