26.4.10

تمدد آفاق الوعي...27

المقالة السابعة والعشرون
ترجمة د خالد ألسيفي

تذكر هذه الجملة: تمدد آفاق الوعي.
مع توسع فضاءات الوعي تتوسع أنت. وبعد تنظيف ما بداخلك، بحيث لا يبقى أثر للحقد والكسل والجشع والشهوة والغيرة، تصبح لا محدودا، حتى السماء لا يمكن أن تكون حدودك.

هذه هي تجربة كل الروحانيين الحقيقيين على مر العصور. فعندما قال يسوع "أنا وأبي في السماء واحد" كان يعني اللامحدودية التي يمكن ان يصل إليها الإنسان. وقال أيضا " أنا غير محدود" وهو قول بنفس المعنى السابق.

هو يعني:
" أنا وأبي (الله) في السماء موحدان.
أنا موجود في الجسد، وهو منتشر في الوجود.
انا والمصدر الذي أتيت منه... متحدان.....
نحن معا..واحد، لذا فانا واسع بحجم الوجود نفسه".

وهو المعنى نفسه لروحانييي الاوبانيشيدا الهنود، عندما يصرخ احدهم "انا المطلق...انا الله". هم يقولون هذا على قمة الوعي.
وهذا ما قصده شهيد الصوفية منصور الحلاج عندما صرّح " أنا الحق".
هذه الأقوال ذات مغزى كبير، وهي تعني انك بحجم وعيك، لا أكثر ولا اقل.

الأديب والكاتب البريطاني الدوس هكسلي "Aldous Huxley" كان على خطأ عندما ادّعى انه وصل حالة الوعي بواسطة المخدرات، وانه عاش نفس التجربة الروحانية التي مرّ بها الهندي المقدس كابير "Kabir"، والمعلم الالماني اكهارت "Eckhardt "، او المعلم الياباني باسو "Baso ".

لا .. تجربة هكسلي ليست كتجربة هؤلاء.
نعم،هناك شَبَه في توسيع المجال في الحالتين، لكن التجربة ليست نفسها على الإطلاق، والى ابعد حد متنافرتان.

بالمخدر يكون توسيع الخيال جبريا، دخيلا، خارجيا ومفروضا على البيولوجيا الجسدية واغتصابا للكيمياء الحيوية. هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى، فانك تبقى كما أنت بزوال تأثير المخدر دون أي تطور أو تسامي..بل تصبح اصغر مما كنت عليه.

الروحانيون العظماء لم يعودوا كما كانوا بعد بلوغ الوعي، ، لقد تساموْا ونموْا ولم يرجعوا أبدا.
وعيهم لم يتوسع بالإكراه من الخارج، ولم يكن لحظيا، بل كان أبديا ومن الداخل. لقد تطوروا بحيث أن وعيهم أصبح وجودهم، وشتان ما بين هكسلي واكهارت.

منذ ايام "الڨيدا"، وعلى مرّ العصور والإنسان يحاول ان يُكبّر نفسه ويوسع فضاءاته ويرفع سقفه، إما من خلال امتلاك المال او السلطة او السيطرة.

هذه كلها كالمخدرات أيضا.

المال يخدر صاحبه ويمنحه شعورا بسعة الجدران حوله، وامتلاك السيارة الفاخرة، والمنزل الفاره قمة الخدران.

عندما تصطدم رغبة التملّك والشراء لسيارة بفقر المال، يتمثل الجدار بشعور الإحباط. ترى السيارة وتستطيع لمسها لكن لا مال لامتلاكها..وكأن جدارا يحول دونك وإياها، نعم انه جدار الفقر.

المال يعطيك شعور التمدد والانطلاق. لكن هذا الشعور هو شعور زائف للحرية.

وللحقيقة، انك تستطيع تملّك أشياء كثيرة دون الشعور بالانطلاق والرشاقة والنماء، تمتلك أكثر لكنك لست اكبر. تملك أكثر لكن وجودك يبقى ضئيلا وسطحيا وتافها. وما ينطبق على وهم المخدرات والمال ينسحب على السلطة.

قد تصبح رئيسا او رئيسا للوزراء وتمتلك الشرطة والجيش والقصور والمحاكم، وقد تشعر ان حدود الدولة هي حدود جسمك، وقد تشعر انك تمتلك قوة عاتية، لكن... هذا نوع من أنواع المخدرات أيضا.

المال والسلطة والمخدرات من نفس الطينة، إلا أن أذى المخدرات شخصي ولا يتعدى مضاره شخصك الكريم، أما إساءة تصريف المال العام، وسلطة التجبر، ففيهما قوة تدميرية لآلاف بل وملايين الناس الأبرياء.

لو كان هتلر مدمن مخدرات لأراحنا واقتصر أذاه على نفسه، أما وقد كان صاحيا وممتلكا للسلطة والمال، فانه روى الأرض دما وزرع الحقول جثثا.

ومن السخرية بمكان ان يكون أصحاب المال والسياسيون وقابضو السلطة معادين للمخدرات، لأنهم هم المدمنون الحقيقيون، وهم أول فاقدي الوعي على هذه الأرض. وهم اخطر من أي مدمن على الإطلاق، لأن مدمن المخدرات يقتل نفسه أما هؤلاء فيقتلون الناس.

الوعي، يا سيدي، لا يحتاج لكل هذه المخدرات، انه متوفر وسهل المنال، لكنك تُعرضُ عنه وتصرّ على ان تكون حبيسا لمفاهيمك ومعتقداتك. هذه المفاهيم المغلوطة هي جدران سجنك.
OSHO- Talks on The Royal Songs of Saraha

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق