13.2.09

نيام على الجدار

نيام على الجدار
كانو ثاني 2006
بقلم د خالد السيفي

سألني الجدار- ترى إلى متى سأبقى واقفا أراقب عذابات الناس في كل يوم واسمع أحاديث الشيوخ وألام الاطفال.
فقلت وأنا اخفي آلامي وأحاول السيطرة على توترات صفحات وجهي: ربما يطول الأمر
فقال بتهكم:وكيف ذلك
فقلت: إن المشكلة في أننا لا نحب مواجهة الحاضر، لعلمنا أننا نتعذب فيه، فنهرب ذهنيا وفكريا إلى المستقبل لنسكن أوهامه ونمارس أحلامه وذلك لتخفيف وطأة هذا الحاضر. وبذلك ومن حيث لا ندري نحن نطيل عذابات الحاضر بإهمالنا له وعدم مواجهتنا له، كل ذلك لاعتقادنا ان المستقبل سيكون أحسن وأفضل، فنحن لا نريد أن نعمل في حاضرنا ولحاضرنا ومستقبلنا إنما نطير للمستقبل قافزين متجاهلين. اننا ننتظر الغد لاعتقادنا ان أبوابا ستُفتح وأوضاعا ستتغير وورودا ستتفتح من تلقاء نفسها. وسرعان ما يخبب الظن عندما يأتي هذا الغد والوضع أسوأ والمعضلة اشد والمصيبة أعمق، وهذا الذي أسميناه بالغد جاء كالبارحة، اذا فلنهرب للغد الآخر الذي بعده وهكذا دواليك، وفي كل مرة تنتج عقولنا أوهاما أجمل وآمالا أعلى تتناسب مع شدة الوضع المعاش. إلا أننا بانتظار الغد نهدر يومنا هذا وكذلك أيامنا القادمة.
هناك هروب آخر وهو إلى الماضي، وهو مساوي في القيمة الوهمية ومعاكس له في الاتجاه, ويلتقي معه في نهاية المطاف لينتهي للنتيجة ذاتها ولكن بألوان وأشكال وتفاصيل يهيا لنا انها مختلفة ولكنها في الجوهر الوجه الآخر لنفس العملة، وهذا يقودني لأصرح انه والحال كذلك يصبح المستقبل تحسين مأساة الماضي لتجنب الحاضر.
حاضرنا يتجسد بشخصك البغيض (الجدار)، بكل ما ترمز اليه من معان احتقرها واخجل منها. الم تقتحم حياتنا وتصادر أرضنا، الم تمزق شملنا وتشتت أرحامنا وتشتت جغرافيتنا وتحبس تاريخنا....اما زلت تحاول حجب شمسنا وسلب مياهنا ووقف ريحنا. هذا ما يجب ان يراه كل واحد فينا في حاضره من اللحظة وفي الدقيقة والى الساعة وخلال اليوم.
عندها قد – وأقول قد- تصدم الحقيقة الأكثرية النيام وقد تطرد الحقيقة من النفس بعض الأوهام.
فريد ريك نيتشة يزعم أن الإنسان لا يستطيع التعايش مع الحقيقة، وآخرين يزعمون أن الكذب ضروري كواقي الصدمات للنفس البشرية من واقع الحياة الأليم، ومن السخرية أن يطالب الجميع بالحقيقة والشفافية ويهرب من الحاضر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق