13.2.09

حماس وفتح وجهان لعملة واحدة

حماس وفتح وجهان لعملة واحدة
أيار 2006
د خالد السيفي

حماس وفتح وجهان لعملة واحدة، على الاقل بالنسبة لمعاناة الشعب الفلسطيني. اذ ان ممارسات فتح السياسية والسلطوية والامنية والاقتصادية كانت من الوحشية لدرجة انها بذرت وهيئت لظروف لا يمكن ان تقود الا الى قدوم حماس. هذا الميلاد الحمساوي كان رد الفعل الطبيعي للاغتصاب الذي تعرض له الشعب من قبل سلطة فتح، التي استقبلها عند عودتها لاحضانه بالترحيب والاعراس والاحتفالات متأملا بعهد ولاية تخلصه مما هو فيه اكثر من نصف قرن. فبقدر ما كانت بشاعة السياسات الفتحاوية جاءت مفارقة النتائج الحمساوية .

ولكن سرعان ما ايقن الناس ان الآنف شبيه السالف في الجوهر وان اختلف بالمظهر، وهم ما زالوا يعانون ويل الفاقة الاقتصادية وشح الامن والامان بقدر ما كانوا تحت وطأته في بيت الاباء السابقين، ان لم يكن اقسى. وبقدر ما فشلت فتح في التخلص من ذهنية الفوضى الثورية والمحسوبية الحركية، ولم تستوعب لمدة 10 سنوات انها اصبحت سلطة مؤسسات ، وقعت حماس بنفس الفخ باصرارها على التتنفس من رئة برنامج الاخوان المسلمين، فمارست دورها لا من منطلق انها اصبحت حكومة الشعب الفلسطيني لتمثله جميعه وتنطق باسمه بل آثرت ان تظل فرع التنظيم الاخواني في فلسطين.

ومعروف ان فتح خلطت التنظيم بالحكومة خلطة غروية تجعل فصل المذاب عن المذيب من مستحيلات العلم بقدر ما تحاول حماس تقليدها بالاجهزة والوكلاء الوزاريين، وليس على المستوى الفيزيائي فقط بل وعلى المستوى الايديولوجي ايضا .

وكلاهما فتح وحماس اعتمدتا توكيد الذات بترسيخ فئويتهما وفصائليتهما وذلك بالاستحواذ المطلق على المقاعد الوزارية، بدلا من مبدأ تحقيق الذات الذي يعترف بالاخر ويتكامل معه ويتعاون واياه، ونقصد بالاخر مجموع الفصائل والمستقلين في المجلس التشريعي . فكلاهما (فتح وحماس) حدَّق ببرنامجه لدرجة انه لم ير الاخرين، وقبض على السلطة لدرجة فقدانها، هكذا هي الاشياء بطبيعتها.

وتتتجلى وحدة الوجهان للعملة الواحدة ان هناك جامع اخر يمثل علة وجودهما، فكلاهما اعتمد السلاح طريقا للمقاومة ثم تخلى لصالح الحكم بالسياسة، ولا نرغب ان يعيد الثاني كرة الاول بسقوطه السياسي، لان الخاسر الحقيقي هو هذا الشعب المسكين.

اضف الى ذلك ان اسرائيل ربطت اقتصاد السلطة الفتحاوية باقتصادها، بقدر ما تتحكم الان به في الزمن الحمساوي، للحظات مثل التي نعيش، لنبقى معلقين من الحلق ومرهونين للجوع متى كانت (اسرائيل) غير راضيه عن الديموقراطية الفلسطينية العتيدة، وهل هناك انجع من بكاء الاطفال جوعا اداة للتحكم برقاب الناس.

كل هذا يثبت ان فتح وحماس في الحقيقة يمثلان الشيء نفسه بوجهين مختلفين في الصورة الذهنية لعامة الناس الذين لا يستقرون في عمل او حقل او وظيفة، لاباء انهكتهم التجارب القاسية والسياسات القاصرة من السعي وراء لقمة العيش التي ما زالت المحرك الاساسي لصناديق الاقتراع.

هذا يقودني الى التذكير بالحال 2002-2004 التي فرضتها اسرائيل علينا من اجتياحات وحصار للمقاطعة وحواجز ترابية وانهيار للاقتصاد الوطني لفترة سنتين توطئة لاغتيال الرئيس، واعتقد انها (اسرائيل) وغيرها كانوا يعمدون الى انهاك الشعب ليسهل لهم عملية الانقضاض على حياة عرفات دون حدوث رد فعل بصورة ثورة شعبية تسبب حرجا محليا ودوليا لهم ولغيرهم .

وهذا ما حصل، قَبِلَ الناس بانهاء عرفات بهدوء مقابل استعادتهم لحركة محدودة ولقمة محكومة وارض مسلوبة. هي الاجواء ذاتها التي افرزت نتائج انتخابات الرئاسة 2005 ، وامتد اثرها علينا بنتائج 2006 البرلمانية ، واستطيع التشاؤم ان هذا ما سيحدث قبل الاجهاز على حماس، لا بل وهذا ما سيكون رد فعل الناس، ان لم نكن واعين ومحترِمين لذاتنا التي تتعجب من مستضيفها، كيف يمكن ان يصير غير الذي اليه نحث المسير.

هناك تعليقان (2):

  1. لا اعرف لماذا نصدق جميعنا بأن لدينا دولة مثلنا مثل باقي الامم
    انا شخصياً لم اشعر ولو للحظة بحماية هذه الدولة

    ماحدث لا يمكنني الا ان اشبهه بالافعى فاسرائيل قد قذفت بنا من جوفها بعد ان قامت ببناء دولتها بايدينا نحن عمال فلسطين فاصبحنا عبئ عليها فجائت بالسلطة لكي تدير شؤون حياتنا اليومية وتقوم بجباية الضرائب ومستحقات المياه والكهرباء لمصلحتها وهنا انا اقصد اسرائيل وليس السلطة واعطت كل من هؤلاء القادة امتيازات تجارية فمنهم من يبيعنا الباطون ويصبه احياناً ساخناً على مسار الجدار العنصري
    ابو وليام

    ردحذف
  2. ارىمن الظلم القول ان فتح - برغم ما عليها وبها من طفيليات علقت بجسدها على مدار تاريخها الطويل وترهلها الاداري التنظيمي، وحماس وجهان لعملة واحدة،
    واقل دليل بالحقيقة ان فتح ما كانت لتمنع حماس من الظهور ولا يخفى انها هي من دعتها لدخول المعترك السياسي ولكي تفهم حماس ان تكون مسؤولا عن عناصرك وانت في المعارضة اسهل واهون بكثير على ان تكون مسؤلا عن شعب الكاميل له مشروعه الوطني التحرري القابل للحياة والديناميكية والواقع بكل مؤثراته
    حماس مدمرة للشعب الفلسطيني بانحرافها عن برنامجها الاصل، وايثارها السياسة على الدعوة لدين الله والتوحيد. وتمييعها للفكرة والتجربة الاسلامية وومحاولات استئناف الخلافة على منهاج النبوة المبشر بها من الرسول الكريم.
    هكذا كان ممن اعلنته منذ بداية التكوين لها جماعة الاخوان المسلمين وابنتها المدللة حماس فلسطين.
    اين هم من ميثاقهم الداخلي او برنامجهم الحركي؟؟؟؟!!!!!!!!!
    وحق لي وضه علامة سؤال مقابل كل يوم منذ نشأت فيه حماس
    اتفق مع الدكتور بقوله ان حماس تسيير خلف فتح بالعمل ب 30 عام وانظر التاريخ يعطيك النبؤ اليقين.
    واستذكر قول الرسول الكريم: السعيد من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه ".
    فتعسا لحماس وما فعلته وتفعله بشعبها

    ردحذف