12.2.09

اولمبياد الانتخابات والديموقراطية

اولمبياد الانتخابات والديمقراطية
حزيران 2005
بقلم د خالد السيفي

ما جرى من انتخابات رئاسية وما انقضى منها في المجالس المحلية والبلدية وما سيأتي من تشريعية ما هو إلا طبق الأصل عن الألعاب الاولومبية مع فارق أن هذه رياضة جسدية وتلك رياضة مجتمعية_ ولم اقل سياسية_ لان الرياضية لا تخلو من سياسة ايضا.
كلاهما تتميزان بالموسمية " المفروض 4 سنوات "، وفيها استعدادات ومشاورات وإعلام مقروء ومرئي ، وايضا صرف أموال وازدهار تجاري، وتنافس وفرق وتدريب ومجموعات إسناد و لوجستيات وموجهون، ولا يخلو الأمر من تحالفات ومساومات ورهانات ومراقبين ومحكمين دوليين ومحليين، والتفاف على القانون ومحاكم وقضايا، ومشاهدين وساحات نزال ومناظرات، حتى أن احدهم علّق أن المرشح يجب أن يتمتع بلياقة بدنية لتحمُّل الضغط والتعب والإجهاد، ويجب أن يتحلى بروح رياضية في الملعب أولا وتقبل الهزيمة ثانيا. وكلاهما تنطبق عليه الحِكَم والأمثال مثل "أتقن عملك تَنَل أمَلَك"، "واشد الغَصص فوات الفُرص"، "والآمال متعلقة بالإعمال"، "والبركة في الجد والحركة". وكلنا يهتف للعب النظيف والظريف والأهداف الجميلة.
وتبقى الانتخابات في النهاية منح الثقة وتقليد الفائز إكليل المسؤولية عن المجتمع الذي سيخدمه، وهنا التحدي الأكبر والإبداع المنتظر. وباب الإبداع التفكّر ومفتاحه التبصّر، فيا ترى هل فكر المرشح بالأعباء والمهمات المشكوكة بالإكليل الملقى على كتفيه؟. لقد أظهرت الأرقام أن المتنافسين كُثُر وأن كماً لا بأس به من الناس يحبون المنافسة والماراثون وهذا الشئ جيد، ولكن هل يتفهم الجميع انه خلف التشريف تكليف وخلف المجد جد. وهل تم حساب الامكانات والقدرات والكفاءات لتأتي على قدر الطموحات؟؟.
غدا سيتعرضون لسيل من المطالب والأفكار، وستُسلط عليهم عيون مستغربة ومندهشة وراجية ومستنكره ومستحسنه، وسيواجهون ألسن المهنئين والمطالبين واللاعنين والراضين، وتمتلئ الأدراج بالطلبات الشخصية والجماعية والمحلية من سوادهم، وستمارس عليهم سياسات التطنيش والتهميش والتأجيل والتسويف من اسيادهم، وفوق هذا كله سياسات احتلالية تجويعية وتجهيلية وتهجيرية وتسميم وتعقيم وسرطنة.
صحيح أن العملية الديمقراطية تحتكم لأصوات الناخبين وصندوق الاقتراع، إلا أن هذا كان لا يمنع أن يقترع المرشح نفسه قبل الإقدام، بمعنى ان يفكر مليا بقدراته العلمية والإدارية والخبرات التي تؤهله للقيام بالأعباء وملئ ثوب المسؤولية في تعبئة الفراغات وإنجاز المهمات. أخاف أن يكون بعضهم دُفع دفعاً عشائريا ونُصر قبليا ورُغِّب فصائليا. فالديمقراطية قد تُجاوز الصالح وتجنح عن الفالح وتصافح المدعوم وتعزل المعدوم. وكلنا أمل أن يُثبت الفائزون أنهم أهل لإصلاح ذات البين ، فالاستقامة عين الكرامة، وقليل متصل خير من كثير منقطع، ومن دأب العمل حصد الأمل، ومن لزم شيئا عرف به.
وأخيرا نتمنى للفائزين الصحة أولا وندعو الله أن يعينهم على مبتلاهم ثانيا، ونرجو منهم المثابرة في خدمة مجتمعهم ووطنهم ثالثا.
أما الذين لم يحالفهم الفوز نتمنى لهم حظا أوفر أولا، ونوصيهم بان يكونوا عونا وسندا لإخوانهم ثانيا، والاحتفاظ بلياقتهم للاولمبياد القادمة وولوج ملاعب التدريب ثالثا.
بقي أن نذكر أن الاولومبياد أقيمت تخليدا لذكرى البطل ساعي البريد أيام الإمبراطورية اليونانية حين ركض 50 كيلو مترا دون توقف لشربة ماء أو قطعة خبز ناقلا خبر الحرب، أن الأعداء أعدو الجيوش غازين محتلين مستعمرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق